مسألة جهل بأحكام صلاة المسافر

باسم الله، والحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على النَّبيِّ أما بعد:
السُّؤال: هل أعيد تلك الصلوات؟ قد سألتكم هذا السُّؤال ولكن لم يكن جوابكم واضحًا بالنسبة لي.
نصُّ الفتوى:
لم أكن أعرف كلَّ شروط وأحكام الجمع بين صلاتين في السَّفَر، وخرجت في رحلتين خارج مدينة 80 كيلو، دفعنا ثمن الرِّحْلة للشركة، وارتحلنا في سيارةٍ عامة، وقبل زوال الشَّمس كنت أعلم أنني سأعود الليلة.
أذكر أني صليت قاعدًا متجهًا إلى القبلة في أول الصَّلاة فقط، ولم أغير الجهة التي أستقبلها، وربما تحولت السَّيَّارة عن القبلة، لا أذكر إن كانت صلاة فريضة أم نافلة في السَّيَّارة العامَّة التي أجَّرناها من الشَّركة أنا وجماعة. لم نكن نعرف طريقًا إلى أيِّ مسجدٍ.
أذكر أنني صلَّيت في غرفةٍ في السُّوق صلاة المغرب، وربما صلَّيتُ معها صلوات أخرى، وصليتُ العشاء إجمالًا أثناء الرُّجوع من الرِّحْلة في السَّيَّارة العامَّة.
وهذا كله في الرحلة الأولى، أما بالنسبة للرحلة الثَّانية فلا أذكر شيئًا غير أني صلَّيتُ على مركب بعد سؤال رجل أعجميٍّ كافر عن جهة غروب وطلوع الشَّمس، وبعد ذلك اجتهدتُ في تحرِّي القبلة.
قال لي أخٌ صغير غير بالغ: كيف صلَّينا؟ فقال لي: صلَّينا على سفينة جمعًا بين الظُّهر والعصر.
تذكَّرتُ أننا صلَّينا بالفعل على سفينةٍ ولكن لا أدري إن جمعنا بين صلاتين، وهل قصرنا، ولكنني صليت مأمومًا خلف رجل درس أحكام الصَّلاة، فيحتمل أن نكون قد صلَّينا كما قال أخي الصغير.
وقال أيضًا أخي الصغير: إننا صلَّينا المغرب ثم العشاء جماعةً مع أبي في البيت بعد وصولنا مدينتنا، لا أذكر جيدًا ما فعلناه بالنِّسبة للذي قاله أخي عن صلاتي المغرب العشاء، ويُمكنني أن أسأل أبي إن كان يذكر شيئًا مما قاله أخي يخصُّ فقط الرِّحْلة الثَّانية، وهي الرِّحْلة الوحيدة التي حضرها معي.
فات سنةٌ تقريبًا منذ هاتين الرحلتين. فماذا أفعل؟ قال الحنفيَّة: إنه لا يأخذ بشهادة الصبيِّ. والصَّلاة والسَّلام على النَّبيِّ والصَّلاة والسَّلام على النَّبيِّ.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن المشكلة أيُّها الحبيب أن استفسارك كان غير واضحٍ، وهو مليءٌ بقولك: «لا أذكر» وقولك «ربما»، فإن كنت لا تذكر فكيف يُفتيك المفتي؟
الذي عقلناه من سؤالك قولك: «هل أعيد هذه الصلوات؟». فأجبناك: إنك إن فعلت فأعدت فقد أخذت بالأحوط، ونقول لك: قد أحسنت، لأنه يُندب دعوة الـمُكلَّف إلى العمل بالأحوط خروجًا من الخلاف.
وبالمناسبة ينبغي استقبال القبلة في صلاة الفريضة حضرًا وسفرًا، وتجتهد في معرفتها على قدر وسعك وطاقتك، فإن تبيَّن خطؤك بعد ذلك فلا حرج عليك، أما صلاة النافلة فالأمر فيها واسع، وينبغي كذلك أن تصلي قائمًا إن قدرت على ذلك، فإن عجزت صحَّت صلاتك قاعدًا؛ لقول النَّبي صلى الله عليه وسلم: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ».
ومُجرَّد السَّفَر لا يُسقط عنك ركن القيام في الصَّلاة، وإنما الذي يسقطه العجز.
ونرجو أن تراجع استفسارك وتُعيد صياغة سؤالك، وتُقِلَّ من قول: «لا أذكر» وقول: «ربما» لأن هذه تُحيِّر المفتي.
زادك اللهُ حرصًا وتوفيقًا، والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend