حول وقتي العشاء والفجر في مدينة إدمنتون بكندا

لقد تعرَّضنا لمسألة هنا في مدينة إدمنتون في ألبرتا بكندا، لها أهمية كبيرة بالنسبة لنا من حيث علاقتها بأحد أعظم أعمال العبادة، وهي الصلاة.
حيث تقع إدمنتون على خط عرضٍ عالٍ نسبيًّا، (53° 32′ شمالًا).
وكنا سابقًا نفترض أنه لفترة محددة خلال الصيف لم يكن لدينا علامات لدخول أوقات العشاء والفجر، ابتداء من 15 مايو حتى 30 يوليو.
وبالمثل؛ فإن مختلف البرامج المستخدمة لحساب أوقات الصلاة لا تُعطي نتائج معتمدة خلال هذه الفترة.
وعلى هذا الأساس، اتفقت مساجد المدينة خلال السنتين الماضيتين على أداء التقدير لأوقات العشاء والفجر، استنادًا إلى حديث الدجال حين سأل الصحابةُ رسولَ الله ﷺ: كيف تتم الصلاة حين يكون اليوم كالسنة؟ وإنه ﷺ أجاب عليهم: «اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ»(1).
فبالنسبة لصلاة العشاء تم تحديد ساعة وربع بعد صلاة المغرب تقديرًا لدخول وقت العشاء أثناء الفترة المفترض فيها انعدام وجود العلامات، وأما بالنسبة لصلاة الفجر- في نفس هذه الفترة- تم تقدير وقت دخولها طبقًا لدخول الوقت في أقرب مدينة على خط العرض 45° وتوجد فيها العلامات الشرعية على مدار العام.
وإضافة إلى ذلك، وبما أن وقت هاتين الصلاتين- وتحديدًا العشاء بصورة أكبر- كان يُشكل صعوبة ومشقة على المسلمين في المدينة أثناء الصيف، فقد تم تمديد فترة التقدير المذكورة وتثبيت العشاء إلى ساعة وربع بعد المغرب بدايةً من 21 إبريل إلى 20 أغسطس؛ لإسقاط المشقة؛ ولجعل التغييرات تدريجية بين مواقيت الشتاء والصيف، وكذلك تمت بعض التعديلات الحسابية لمواقيت الفجر والتي لا تتماشى مع العلامات؛ لتواجدها في بعض هذه الفترة الممتدة.
وغني عن القول أن كمَّية التفاصيل لا بأس بها في تعريف المنهجية التي اعتمدت لتقويم مدينتنا الحالي، والمزيد من التفاصيل قد اكتشفت منذ ذلك الحين؛ فقد علمنا مؤخرًا أن مدينة إدمنتون لديها بالفعل علامات لصلاة العشاء طوال العام حسب غروب الشفق الأحمر، وهو الرأي المأخوذ به لدخول وقت العشاء، ولا زلنا غير متأكدين بشأن صلاة الفجر.
فمن الواضح تواجد فترة حوالي ثلاثة أسابيع إلى أربعة في ذروة الصيف حين يقل البياض دون أن يترك السماء، أي يقل كثيرًا دون أن يزول ثم يبدأ بالعودة، فلا يوجد سواد أثناء هذه الفترة.
ومنذ ذلك الوقت نقدم أيضًا ما اكتشفناه مؤخرًا:
1- خلال الفترة التي قدرنا فيها صلاة العشاء على أن تكون ساعةً وربعًا بعد المغرب، تنبهنا إلى أننا نصلي العشاء بالرغم من وجود الشفق الأحمر بكل وضوح، أي قبل دخول وقتها، وأن الشفق الأحمر يزول طوال العام كما ذكرنا، لكن في وقت متأخر جدًّا في ذروة الصيف.
2- النتائج الحسابية للأوقات المعتمدة على خط عرض 45° درجة لا تتوافق مع علامات دخول وقت الفجر حين تواجدها، فبالرغم من صعوبة تحديد وقت دخول الفجر بدقة قد وجدنا على سبيل المثال أنه خلال شهر رمضان يتناول الناس الطعام في حين يوجد الكثير من الضوء في السماء، إلى درجة أننا نستطيع رؤية عودة الشفق الأحمر؛ لأنهم يتبعون الأوقات المحسوبة، ولم يتم التوصل لأوقات مرئية معتمدة بعد.
مما لا شك فيه، هناك قضايا أخرى أيضًا، ونرى أننا في تلك المدينة نحن بحاجة إلى رأي علماء أكثر تأهيلًا منا لمساعدتنا على تحديد أفضل الحلول لأداء هذه الفريضة العظيمة، وعلى ألا نخرج عن شرع الله {#emotions_dlg.azz}.
وعليه فنحن نطلب من فضيلتكم الإجابة على الأسئلة التالية، وسنكون من المقدرين لوقتكم وجهدكم معنا، وندعو المولى {#emotions_dlg.azz} أن يجزيكم عنا خيرًا لمساعدتنا على طاعتنا له:
1. هل يوجد علاقة بين صحة دخول وقت العشاء بغروب الشفق الأحمر وعدم وجود علامة لخروج وقتها بغروب الشفق الأبيض؟ فكما ذكرنا هناك فترة 3 إلى 4 أسابيع لا يوجد فيها علامة واضحة على دخول الفجر؛ لأن الشفق الأبيض لا يغيب بعد غروب الشفق الأحمر.
2. بالنسبة لصلاة الفجر أثناء تواجد علاماتها، إن لم نكن نستطيع تحديد وقت دخولها بالضبط برؤيا العين، وفي نفس الحين فالحسابات طبقًا لأقرب مدينة على خط عرض 45° تُدلي بأوقات يكون الضوء فيها قد تعدى الأفق. ما العمل في هذه الحالة؟
3. خلال الفترة التي لا يوجد فيها غروبٌ للشفق الأبيض، ما هي الطريقة الأفضل لتحديد أوقات دخول الفجر؟
4. هل يجوز لنا أداء التقدير في الفترات التي يوجد فيها علامات للعشاء أو للفجر، أحدهما أو كلاهما؟ مع العلم بأن الالتزام بأوقات العلامات المرئية يُمثل مشقة على الكثير من الناس؟ على سبيل المثال: في أطول يوم من أيام السنة، يغرب الشفق الأحمر لدخول وقت العشاء في حوالي (1: 05) بعد منتصف الليل، وفي نفس الليلة لا يوجد مدخل واضح لصلاة الفجر، ولكن آخر فجر مرئي قبله كان حوالي (2: 15).
5. هل تتغير إجابة السؤال السابق مع صيام رمضان؟ مع الأخذ في الاعتبار أن المغرب سيكون في وقت متأخر (10: 10) مساءً، وأيضًا مع عدم وجود علامة واضحة لدخول الفجر خلال هذه الفترة، فيتم تقديره إلى (2: 15) صباحًا كما ذكرنا؟
6. فيما يتعلق بأي من الإجابات السابقة، هل تنطبق على المستوى الجماعي في صلاة الجماعة والفردي، أم تختلف الإجابة بين التطبيق الجماعي والفردي؟
7. إذا كان هناك رخصة في أي من المسائل السابقة فهل يمكن الأخذ بالرخصة طوال وجود المشقة على الناس حتى لو امتدت لمدة شهر أو شهرين متتاليين؟ بمعنى: هل هناك قيود للأخذ بالرخصة؟
بارك الله فيكم؛ لبذلكم الجهد والوقت للإجابة على هذه الأسئلة. ونسأل الله سبحانه وتعالى قبولَ هذا العمل في ميزان حسناتكم.
نحن نعتذر أيضًا لطول هذا السؤال، ولكن للأسف لم يكن من الممكن طرحه دون إعطاء خلفية كاملة لوصف الصورة هنا في مدينتنا. وإذا تعثر أي أمر لعدم وضوحه، فلا تتردد في الاتصال بنا.
إخوانكم في إدمنتون، ألبرتا، كندا.

_____________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الفتن وأشراط الساعة» باب «ذكر الدجال وصفته وما معه» حديث (2937) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فشكر الله لكم حرصكم واهتمامكم، ونسأل الله جل وعلا أن يجعله لكم نورًا يسعى بين أيديكم وبأيمانكم يوم القيامة بإذن الله.
ونود أن نبادر إلى التأكيد على أن ما كان من صلاة ماضية قد استفرغتم في تحديد مواقيتها الوُسع، وبذلتم في ذلك الجهد، فهي صلاة صحيحة بإذن الله، سواء أوافقت التوقيت الصحيح في الواقع أم لا؛ لقول الله جل وعلا: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَآ إِن نَّسِينَآ أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: 286]، وقد ثبت في الصحيح أن الله تعالى قال: «قَدْ فَعَلْتُ»(1).
وحديثنا إنما هو بالنسبة لما يستقبل من الصلوات إن شاء الله:
• بالنسبة لوقت صلاة العشاء: إذا غاب الشفق الأحمر فقد دخل وقتها، سواء استطعتم رؤية غياب الشفق الأبيض أم عجزتم عن ذلك.
• بالنسبة لوقت صلاة الفجر: لا شك أن رؤية الضوء الواضح أضبط من كل الحسابات التقديرية، وأبلغ في الدلالة على دخول وقت الصلاة، فإذا كانت الحسابات التقديرية تقول: إن الفجر يدخل مثلًا الساعة الثالثة، ونحن نرى بأعيننا الضوء بيِّنًا في الأفقِ الساعةَ الثانية والنصف، فلا عبرة للعلامات التقديرية في هذه الحالة؛ لأن مبناها على غلبة الظن، والعلامات المادية المستيقنة مبناها على اليقين، واليقين كما تعلمون لا يزول بالشك، ولا يعني هذا إلغاء الحسابات التقديرية دائمًا، بل يكون إلغاؤها عند التعارض مع المشاهدات المادية.
• وقت دخول الفجر عند رؤية الفجر الصادق، ويكون ذلك إما بالمشاهدة، أو بعلامةٍ يغلب على الظن معها دخوله، سواء أكانت التقاويم الشائعة أو التقدير أو غير ذلك من العلامات.
• عند الاشتباه يُعمل بالاحتياط، فيُحتاط للصلاة، فلا تُؤدَّى إلا بعد دخول وقتها بيقين أو بغلبة ظنٍّ. وفي باب الصيام يُحتاط له فيكون الإمساك عن المفطرات عند إدبار الليل ودخول الفجر بيقين أو بغلبة ظنٍّ، ولو أدى هذا الاحتياط إلى الإمساك قبيل الفجر بمدة يسيرة.
• ويكون إعمال القواعد على مستوى الجماعة، ويكون الترخص على المستوى الفردي، علمًا بأن الصلاة واجب موسع كما تعلمون، والوقت ما بين دخول الوقت ومقاربة انصرامه، فلا حرج في التأخر بالصلاة قليلًا عن أول الوقت إذا كان في ذلك توسعة على الناس ما دامت تُؤدَّى في الوقت.
• أرجو أن نكون قد تمكنَّا من فهم نازلتكم، وأجبناكم عما تريدون منها، وإذا كانت قد بقيت نقاطٌ لم تشملها الإجابة فاكتبوا لنا بشأنها؛ حتى نتدارك ذلك.
بارك الله فيكم، ونفع الله بكم. والله تعالى أعلى وأعلم.

_______________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان أنه {#emotions_dlg.azz} لم يكلف إلا ما يطاق» حديث (126) من حديث ابن عباس.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend