هل يجوز تخصيصُ غرفة من غرفات المسجد للنساء الحُيَّض حتى يتعلمن القرآن والسنَّة ويحضرن دروس العلم؟ جزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
ففي دخول الحُيَّض ابتداءً المساجدَ خلافٌ فقهي، والجمهور(1) على منعه، وخالف في ذلك بعض أهل العلم فأفتى بالجواز شريطةَ الأمن من تلويثِ المسجد، ولكل من الفرقين أدلته.
وقد بحث مجمعُ فقهاء الشريعة هذه المسألةَ في جملة ما بحثه من نوازل الناشئة خارج ديار الإسلام في دورة انعقاد مؤتمره السادس في كندا، وانتهى فيها إلى هذا القرار الذي نسوقه لك بنصه تميمًا للفائدة.
• يرخص للحائض في دخول المسجد والجلوس فيه لسماع المحاضرات، وتلقي العلم مع التحوُّط والتحفظ لطهارة المسجد، عملًا برواية في مذهب الإمام أحمد رحمه الله(2)، وبه قال الـمُزني صاحب الشافعي وداود وابن حزم. وينبغي توفير قاعة تكون ملحقة بالمساجد ومخصصة لأصحاب الأعذار الشرعية خروجًا من الخلاف.
فلا حرج إذن في دخول الحُيَّض المسجد، مع التحوُّط والتحفُّظ لطهارة المسجد بناءً على هذا القرار، تمكينًا لهن من الانتفاع بحضورِ حلَقِ العلم النافعَةِ ونحوه.
ولا حرج في تخصيصِ غُرفةٍ من غُرفِ المسجد لأصحاب الأعذارِ كالحُيَّض ومن على شاكلتهُنَّ، إذا كانت لا تستعمل في الصلاة.
وبهذا نكون قد خرجنا من الخلاف، ولا يشوش على ذلك كون مَدخل الغرفة من المسجد لأن الله استثنى فقال: { إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43]. والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) جاء في «الإنصاف» من كتب الحنابلة (1/347-349) : «قوله (واللبث في المسجد). تمنع الحائض من اللبث في المسجد مطلقًا، على الصحيح من المذهب. وعليه جمهور الأصحاب. وقيل: لا تمنع إذا توضأت وأمنت التلويث، وهو ظاهر كلام المصنف في باب الغسل، حيث قال: ومن لزمه الغسل حرم عليه قراءة آية. ويجوز له العبور في المسجد. ويحرم عليه اللبث فيه ، إلا أن يتوضأ. فظاهره: دخول الحائض في هذه العبارة ، لكن نقول: عموم ذلك اللفظ مخصوص بما هنا وأطلقهما في الرعايتين، والحاوي الصغير»..