تأخير العشاء إلى ما بعد منتصف الليل

هل يجوز تأخير العشاء إلى ما بعد منتصف الليل؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن تأخيرها إلى ما بعد منتصف الليل خلاف الأولى؛ فقد اختلف أهل العلم في آخر وقت الاختيار لصلاة العشاء، هل هو ثلث الليل أو نصفه؟ والثاني هو الراجح؛ لحديث عبد الله بن عمرو عند «مسلم»، وفيه: «وَوَقْتُ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نَصْفِ اللَّيْلِ»(1).
واختلفوا بعد هذا في حكم فعلها بعد مُضيِّ هذا الوقت، والجمهور(2) على أنه يكون أداءً لا قضاء؛ لقول النبي ﷺ: ««لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى»(3).
فدلَّ بعمومه على أن وقتَ كلِّ صلاة يمتدُّ إلى الأخرى، وخرجت الصبح بالإجماع، وبقيت العشاء على الأصل، ويؤيد القول بامتداد وقت العشاء إلى الفجر فتوى عبد الرحمن بن عوف(4) وعبد الله بن عباس(5) رضي الله عنه بأن الحائض إذا طهرت قبل الفجر لزمها فعل المغرب والعشاء.
فلو لم يكن ما بعد نصف الليل وقتًا للعشاء لما ألزم الصحابة بفعلها فيه، ولكن الأولى الخروج من الخلاف، وعدم تأخير صلاة العشاء عن منتصف الليل. والله تعالى أعلى وأعلم.

_______________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» باب «أوقات الصلاة الخمس» حديث (612) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.

(2)

جاء في «المبسوط» (1/145) من كتب الحنفية: «فأما آخر وقت العشاء فقد قال في الكتاب: إلى نصف الليل. والمراد بيان وقت إباحة التأخير. فأما وقت الإدراك فيمتد إلى طلوع الفجر الثاني حتى إذا أسلم الكافر أو بلغ الصبي قبل طلوع الفجر فعليه صلاة العشاء وهذا عندنا».
وجاء في «البناية» (2/29-30) من كتب الحنفية: «(وأول وقت العشاء إذا غاب الشفق) ش: وأي وأول وقت الآخرة عند غيبوبة الشفق، هذا إجماع على الخلاف في الشفق. م: (وآخر وقتها ما لم يطلع الفجر) ش: أي وآخر وقت صلاة العشاء عند طلوع الفجر الصادق وهو أيضا إجماع لم يخالف فيه غير الأترازي فإنه قال: بذهاب الثلث أو النصف يخرج الوقت، وتكون الصلاة بعدها قضاء».
وجاء في «حاشيتي قليوبي وعميرة» (1/130-131) من كتب الشافعية: «(والعِشاء) يدخل وقتها (بِمغِيبِ الشفقِ) أي الأحمرِ المنصرِفِ إليهِ الاسم لِحدِيثِ جِبرِيل السابِقِ. (ويبقى إلى الفجرِ) أي الصادِقِ لِحدِيثِ مسلِمٍ: ليس فِي النومِ تفرِيطٌ وإِنما التفرِيط على من لم يصلِ الصلاة حتى يجِيء وقت الصلاةِ الأخرى. ظاهِره يقتضِي امتِداد وقتِ كلِ صلاةٍ إلى دخولِ وقتِ الأخرى مِن الخمسِ».
وجاء في «المبدع» من كتب الحنابلة (1/302-307): «ثم العشاء ووقتها من مغيب الشفق الأحمر إلى ثلث الليل الأول، وعنه : نصفه، ثم يذهب وقت الاختيار، ويبقى وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني، وهو البياض المعترض في المشرق ولا ظلمة بعده ، وتأخيرها أفضل ما لم يشق».

(3) أخرجه مسلم في كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» باب «قضاء الصلاة الفائتة» حديث (681) من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.

(4) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (2/122) حديث (7205).

(5) أخرجه البيهقي في «الكبرى» (1/387) حديث (1891).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend