الصلاة بدون قراءة الفاتحة والتشهد

عندما يسلم الكتابي أو الكتابية، يعلم كيفية أداء الصلاة، ففي فترة وجيزة يتم إتقان حركات الصلاة، ولكن ما يقال في الصلاة هو الذي يعاني منه هؤلاء الإخوة والأخوات الذين شرح الله صدرهم للإسلام، وأصعب ما في الصلاة لهم هو قراءة الفاتحة والصلوات الإبراهيمية، وقد يحتاج الواحد منهم إلى فترة طويلة حتى يتقن قراءة الفاتحة حاضرًا، ناهيك عن حفظها غيبًا بلغة غريبة عليه.
فما حكم صلاتهم من غير قراءة الفاتحة؟ وهل يكفي من الصلوات الإبراهيمية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الأصل أن الصلاة لا تجزئ إلا بقراءة الفاتحة، فإن قراءتها ركن من أركان الصلاة، وقد صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإليه ذهب جمهور أهل العلم، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا صَلَاةَ لِـمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» رواه الجماعة.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ- وفي رواية: بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ- فَهِيَ خِدَاجٌ، هِيِ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ».
وإذا كانت الصلاة أول ما يتوجه الخطاب به إلى المكلف بعد الشهادتين فإنه يتعين الاعتناء بها، واستكمال ما يلزم لصحتها، وأن يجعل ذلك على رأس أولوياته، وفي مقدمة اهتماماته. ولقد كان عمر بن الخطاب يكتب إلى الآفاق: إن أهم أموركم عندي الصلاة، فمن حفظها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.
ولا شك أن من إضاعة الصلاة التفريط في تعلم ما لا تصح الصلاة إلا به، وإن قدر الإسلام في قلب العبد كقدر الصلاة في قلبه.
وإذا تقرر ذلك فإنه بالنسبة لحدثاء العهد بالإسلام ممن لم يدركوا بعد تعلم أم الكتاب فإن كانوا يحسنون غيرها من القرآن قرءوا منه قدر سبع آيات؛ لأن أولى الذكر بعد الفاتحة ما كان مثلها من القرآن، فإن لم يتيسر ذلك فإن أولى الذكر بعد القرآن ما علمه النبي من التسبيح والتحميد والتهليل، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أَفْضَلُ الذِّكْرِ بَعْدَ كَلَامِ الله: سُبْحَانَ الله، وَالْـحَمْدُ لله، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ».
وقد روى أبو داود والترمذي عن رفاعة بن رافع أن النبي علم رجلًا الصلاة فقال: «إِنْ كَانَ مَعَكَ قُرْآنٌ فَاقْرَأْ، وَإِلَّا فَاحْمَدْهُ وَكَبِّرْهُ وَهَلِّلْهُ، ثُمَّ ارْكَعْ».
أما الصلاة الإبراهيمية فهي الصيغة المعهودة، وتعلمها مما تستكمل به إقامة الصلاة، وما لا يدرك كله لا يترك جله، فالمبتدئون وحديثو العهد بالإسلام إن شق عليهم في البداية الإتيان بهذه الصيغة كاملة فليأتوا منها بما يتيسر لهم منها، مع اجتهادهم في تعلُّمها لتتم لهم صلاتهم على النحو الذي جاء به المعصوم صلى الله عليه وسلم. ونسأل الله التوفيق للجميع، والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend