تعوَّدنا في مقر العمل أن نصلي العصر جماعة الساعة الخامسة، ولكني اكتشفت مؤخرًا أن وقت دخول العصر قد تأخر حتى الخامسة والخمسة.
في العادة نتأخر قبل بدء الصلاة حتى يحضر الجميع، لكننا لا نعرف بدقة كم يومًا صلينا العصر قبل موعده، هل نعوض ما فات؟
كذلك إن دخلت حجرة الصلاة ووجدت الإمام يصلي آخر ركعة وكان وقت العصر قد دخل للتو، أي أني أعرف أن الإمام يصلي من قبل دخول الوقت، هل يصلح أن أصلي خلفه بما أن صلاتي بدأت بعد دخول الوقت؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
الواجب عليك الآن أن تحسبي تلك الصلوات التي تركت أداءها في تلك المدة ثم تقضينها، فإنها دين في ذمتك لا تبرئين إلا بفعلها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «فَدَيْنُ الله أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى». متفق عليه(1). وهذا هو قول الجمهور(2)، خلافًا لشيخ الإسلام ابن تيمية :؛ فإنه يرى أن مَن ترك الصلاة أو شرطًا أو ركنًا فيها جهلًا بوجوبه لم يلزمه القضاء.
قال شيخ الإسلام: «والصحيح في جميع هذه المسائل عدم وجوب الإعادة؛ لأن الله عفا عن الخطأ والنسيان؛ ولأنه قال: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: 15]. فمن لم يبلغه أمرُ الرسول في شيء معين لم يثبت حكمُ وجوبِه عليه؛ ولهذا لم يأمرِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عمرَ وعمَّارًا لمَّا أجنبا فلم يُصَلِّ عمر وصلى عمار بالتمرغ- أن يعيدَ واحدٌ منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذرٍّ بالإعادة لما كان يجنب ويمكث أيامًا لا يصلي، وكذلك لم يأمر من أَكَل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء، كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ بالقضاء»(3). انتهى مختصرًا من «الفتاوى الكبرى».
وإذا تيقَّنت من أن الإمام قد شرع في صلاة قبل دخول الوقت فإنه لا تصحُّ الصلاةُ خلفَه، وإن خشيتِ الفتنةَ فاجعلي صلاتك خلفه نافلةً، وينبغي أن يُنَاصح الإمامُ في ذلك برفق. والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــ
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الصوم» باب «من مات وعليه صوم» حديث (1953)، ومسلم في كتاب «الصيام» باب «قضاء الصيام عن الميت» حديث (1148)، من حديث ابن عباس رضي الله عنه .
(2) جاء في «المغني» من كتب الحنابلة (1/440): «فصل: ومن أسلم في دار الحرب ، فترك صلوات ، أو صيامًا لا يعلم وجوبه ، لزمه قضاؤه . وبذلك قال الشافعي . وعند أبي حنيفة لا يلزمه . ولنا أنها عبادة تجبُ مع العلم بها ، فلزمته مع الجهل كما لو كان في دار الإسلام».
(3) «الفتاوى الكبرى» (2/48-51).