صلاة الغائب على زميل العمل

في مسجد العمل في أحدِ مواقع البترول، يحدث أحيانًا أن يُعلن الإمام بعد صلاة العشاء عن وفاة أحد الزملاء وأننا سوف نصلي صلاة الجنازة على الغائب على هذا الزميل المتوفي في بلده. فهل إن لم يتيسر على من في موقع العمل من حضور جنازته؛ هل يجوز صلاة الغائب عليه؟ مع العلم بأنه قد أقيمت جنازة كاملة له في بلده.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن صلاة الجنازة على الغائب تكون في أظهر الأقوال لمن لم يُصَلَّ عليه عند موته، أو لمن كان له شأن وسابقة في الإسلام وإن كان قد صُلِّي عليه حيث مات، ككبار العلماء والمجاهدين والأئمة العدول ونحوه، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد(1)، وبه أفتت اللجنة الدائمة للإفتاء ببلاد الحرمين، وأطلق الشافعية(2) والحنابلة(3) القول بمشروعية الصلاة على كل غائب عن البلد ولو صُلِّي عليه في المكان الذي مات فيه.
والأصل في صلاة الغائب على الجنازة صلاةُ النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي بعد موته؛ فقد نعاه لأصحابه ودعاهم إلى الصلاة عليه؛ فقد ثبت في الصحيحين أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرَج إلى أصحابه يوم ماتَ النجاشي ملك الحبشة رحمه الله، فنعاه لهم، وصفَّهم وصلى عليه صلاة الجنازة(4).
ولم يُؤثر في السنة المطهرة ولا في سيرة السلف الصالح- فيما نعلم- الصلاةُ على كل من مات من المسلمين صلاة الغائب، وإنما يكون ذلك فقط لأصحاب الشأن والفضل والسابقة. والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) جاء في «الفروع» (2/251-252) : «ويصلي الإمام والآحاد نص عليه على الغائب عن البلد مسافة قصر ودونها ، في قبلته أو وراءه بالنية ، وعنه : لا يجوز (و هـ م) وقيل : إن كان صلى عليه ، واختاره شيخنا ، قال شيخنا : ولا يصلي كل يوم على كل غائب ؛ لأنه لم ينقل ، يؤيده قول أحمد : إن مات رجل صالح صلي عليه ، واحتج بقصة النجاشي وإطلاق كلام الأصحاب والله أعلم لا يخالفه ، قال : ومقتضى اللفظ أن من كان خارج السور أو ما يقدر سورا يصلى عليه ، لكن هذا لا أصل له ، فلا بد من انفصاله عن البلد بما يعد الذهاب نوع سفر ، وقد قال القاضي : يكفي خمسون خطوة ، قال شيخنا : وأقرب الحدود ما تجب فيه الجمعة ؛ لأنه إذن من أهل الصلاة في البلد ، فلا يعد غائبا عنها ، ومدته كمدة الصلاة على القبر».

(2) جاء في «أسنى المطالب» (1/322-324) : «(فصل تجوز الصلاة على الغائب عن البلد) ولو دون مسافة القصر».

(3) جاء في «الفروع» (2/251-252) : «ويصلي الإمام والآحاد نص عليه على الغائب عن البلد مسافة قصر ودونها ، في قبلته أو وراءه بالنية».

(4) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الجنائز» باب «الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه» حديث (1245) ، ومسلم في كتاب «الجنائز» باب «في التكبير على الجنازة» حديث (951) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، خرج إلى المصلى فصف بهم وكبر أربعًا.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة, 03 الجنائز

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend