هل هناك تعارض بين قوله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة: 256] وبين قوله عليه الصلاة والسلام: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»؟ وكيف الجمع بينهما؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن حديث: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ، حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»، حديث صحيح لا شكَّ في صحته؛ فهو متَّفق عليه أخرجه الشيخان البخاري ومسلم( )، ولكن يبقى النظر في معناه:
فمن المعلوم أن كلمة (الناس) في هذا الحديث عامٌّ يراد به خاص، فالمراد بهم مشركو العرب الذين عَادَوُا الدعوة منذ فجرها، وعذَّبوا المسلمين في مكة ثلاثة عشر عامًا، وحاربوا الرسول تسعة أعوام في المدينة، وغزَوه في عقر داره مرتين، يريدون استئصاله وأصحابه، والقضاء على دعوته، وهؤلاء القوم، كما وصفتهم سورة التوبة: لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ [التوبة: 10]، نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ [التوبة: 13]؛ فقد نفض الرسول يده منهم، ولم يعُد هناك أمل في صلاحهم، فهؤلاء لهم موقف لا ينطبق على غيرهم، وبخاصة أن الإسلام يريد أن يجعل من الحجاز حَرَمًا للإسلام، ومَعقِلًا له، لا ينازعه فيه دين آخر.
وعلى هذا فلا تناقض بين هذا الحديث وبين قوله تعالى: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِۖ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ [البقرة: 256]، فالآية عامة والحديث خاص في مشركي جزيرة العرب لما سبق بيانه. والله تعالى أعلى وأعلم.
لا إكراه في الدين
تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية: 03 العقيدة