تعدد الفرق والمذاهب في الدين الإسلامي

رسالة إلى الأمة الإسلامية: لستُ سنيًّا ولا شيعيًّا، ولا أنتمي لأية فرقة من الفرق الإسلامية؛ لقول الله سبحانه وتعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [الأنعام: 159]، بل أنا مسلم فقط؛ لقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102]، ولقوله تعالى: وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153].
أعبد الله بما علمه سبحانه لرسوله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل؛ لقول الله سبحانه وتعالى: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ ﴿2﴾ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿3﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ﴿4﴾ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ [النجم: 2- 5] لأنال مرضاة الله ومحبته، وأنجو من النار، وأفوز بالفردوس الأعلى من الجنة.
فأنا العبد لله لدي مجموعة من الأسئلة لجميع الفرق الإسلامية بكافة مذهبها وعلمائها وأفرادها:
ماذا تريدون من الإسلام؟ أو لماذا أنتم مسلمون؟ هل عندكم إجابة لهذا السؤال غير: لنيل مرضاة الله والجنة؟
والسؤال الثاني: هل تُنال مرضاة الله وجنته بالانتماء إلى السنة أو الشيعة أو غيرها من الفرق؟ طبعًا لا؛ لقول الله سبحانه وتعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21] فرسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قدوة المسلمين لم يكن سنيًّا ولم يكن شيعيًّا ولا غير ذلك، بل كان مسلمًا مستسلمًا مذعنًا منقادًا لأمر الله ونهيه، هل عندكم غير هذا؟
السؤال الثالث: أليست المذاهب والفرق بدعة في الدين ما أنزل الله بها من سلطان ضلت المسلمين عن غيتهم؟ ألا يعتبر بذل الجهود في تأصيل الفرق والمذاهب الإسلامية الذي سبب العداوة والبغضاء بين المسلمين من التعاون على الإثم والعدوان الذي نهى الله عنه في الآية الثانية من سورة المائدة بقوله سبحانه وتعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة: 2]؟
فنحن المسلمون هدفنا واحد وهو نيل رضا الله والجنة، ولكننا اختلفنا وتنازعنا في السبيل الموصل إلى ذلك الهدف، فلماذا لا نتعاون للوصول إلى ذلك الهدف، فالله سبحانه وتعالى تسع محبته وجنته جميع خلقه؛ لأنه الواسع الكريم الودود، والله سبحانه وتعالى أمرنا بالتعاون على البر والتقوى بقوله: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ [المائدة: 2].
أليس من البر تعاون المسلمين لنيل رضا الله الباقي وجنته؟ أليس من تقوى الله تعاون المسلمين على الاعتصام بحبل الله لقوله سبحانه وتعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران: 103] وأن نكون أمة واحدة لقول الله تعالى: إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 92] وأن نصبح أمة متحدة لنتجنب الوقوع في النار كما أخبر رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الذي قال فيه: «تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا مِلَّةً وَاحِدَةً»؟
فكم من المسلمين يا مسلمين دفع ثمن هذه الفرقة بين المسلمين؟! وكم ظلم من المسلمين بالقتل والمقاطعة والمحاربة وغيرها بسبب الفرقة التي ينتمون إليها أو المذهب الذي يتبعونه؟! وكم قطعت من أرحام وشرد من أوطان وأذيق طعم الذل والهوان لمسلم بسبب الفرقة أو المذهب؟!
لو عاد إلينا رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم هل سيسره ذلك؟ ماذا سيفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عاد إلينا؟ هل سيبقي أمة الإسلام مفترقة كما هي الآن بفرقها ومذاهبها أم سيوحدها؟ ألسنا نحن المسلمين حملة الإسلام من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله رحمةً للعالمين كما قال الله سبحانه وتعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا [الإسراء: 105] وداعيًا إلى الله وسراجًا منيرًا كما قال الله تعالى: وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [الأحزاب: 46]؟! أليس من الواجب علينا نحن المسلمين أن نتحمل مهمة توحيد المسلمين؟! فرسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بافتراق الأمة، ولكنه لم يقل: إنها لن تتوحد.
ألم يأن الأوان يا مسلمين أن تتحد الأمة الإسلامية؟! ألم يأن الأوان يا مسلمين أن نعيد تقييم الفرق والمذاهب الإسلامية لنستخلص منها الحق الذي نصل به جميعًا إلى رضا الله وجنته؟ ألم يأن الأوان يا مسلمين أن نستأصل الفرقة والمذهبية من جسد الأمة الإسلامية؟! ألم يأن الأوان يا مسلمين أن نعيد ترميم بناء الأمة الإسلامية؟! ألم يأن الأوان يا مسلمين أن نكون مسلمين كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
هذا والله أعلم، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
اللهم يا قادر ألِّف بين قلوب المسلمين، واجمعهم على الحق يا رب العالمين، آمين، آمين، آمين؛ إنك على كل شيءٍ وكيل.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
نسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يقر عيوننا جميعًا بجمع الأمة على كلمة سواء، وأن يصرف عنها كيد الشيطان وأن يجعل هذه الحمية وتلك الغيرة في ميزان حسناتك يوم القيامة. اللهم آمين.
مع ملاحظة أن السنة في الفرق كالإسلام في الملل، وأنها الفطرة التي يولد عليها كل منتسب للإسلام، وأنها الجادة التي يجب أن يرجع إليها وأن يلزم غرزها كل مريد للنجاة، والتسوية بينها وبين فرق الضلالة غفلة أو ذهول. ونسأل الله التوفيق والسداد للجميع. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   03 العقيدة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend