التقليد في العقيدة

نطلب من الله أن يُجازيك خير الجزاء فيما تبذل من مجهودك معنا ومع جميع الـمُسلِمين. سؤالي يا شيخ هو: هل المعلومات تُعتبر عقيدةً؟
هناك ناسٌ عندهم معلوماتٌ أو كما نقول يعرفون مثلًا: الله، الرسل، الملائكة، الجنَّة، النار… إلخ. وآخرين أيضًا نجدهم يعيشون في أرض كافرة وعندهم معلوماتٌ ويعرفون عن دينهم بعض الأمور، هل هذه تُعتبر عقيدة؟ وأيضًا هناك من يجوز التَّقْليد في العقيدة، وهناك من لا يجوز ذلك. نرجو منكم الصَّواب بين الأمرين والرَّاجح بينهما مع دليله؟ بارك اللهُ فيكم.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن أولَ الأمر ومِلاكه وجِماعه هو العِلْم، وقد قال تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد: 19]. فالعمل بغير علمٍ لا يكون، كما أن العِلْم بغير عمل جنون!
فالعِلْم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر عقيدةٌ، ثم يجب أن تقودك هذه العقيدة إلى العمل، وإلا كان هذا العِلْم حجةً على صاحبه ووبالًا عليه يوم القيامة.
ولا يخفى أن من المستشرقين من جمع عن الإسلام معلوماتٍ كثيرةً ولكنها لم تَقُده إلى الإيمان بالله ورسوله، فهي حجَّة عليه في الآخرة، ولقد كان أبو طالبٍ يعلم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم على حقٍّ، وهوالقائل:
ولقد علمت بأن دين محمد
من خير أديان البرية دينا

وعاش حياته كلَّها ينصر رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ويحوطه ويمنعه، ولكن هذا العِلْم وتلك المناصرة لم تحمله على الإيمان بالله عز وجل، واتِّباع نبيِّه صلى الله عليه وسلم، فلم تُغنِ عنه من الله شيئًا، ويوم القيامة يقف على جمرتين من نارٍ تغلي منهما عروق رأسه.
أما مسألة التَّقْليد فبحسب حال الشَّخص، وبحسب ما استقرَّ في قلبه من يقين، إن من العوام من يكون الإيمان في قلبه أمثال الجبال الرواسي، وليس عنده إلا مُجرَّد المتابعة، وإن من المنتسبين إلى العِلْم من يتطلَّع إلى مثل إيمان العوامِّ ويتمنَّاه.
ومع هذا كلِّه فإن للعلم فضيلةً أكَّدت عليها نصوص الوحيين، فلا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وقد قال تعالى: ۞ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ [الرعد: 19].
فاجتهد في طلب العِلْم من مظانِّه، وسَلِ الله أن يُلهمك رشدك، وأن يأخذ بناصيتك إلى ما يُحِبُّه ويرضاه، والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   03 العقيدة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend