طاعة الوالدين في الأمور الخاصة

هل طاعة الوالدين في أمور تخصُّنِي واجبة؟ أرجو أن ترفق الدليل على ذلك.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن حقَّ الوالدين عظيم، فبرُّهما قرين التوحيد، وشكرهما مقرونٌ بشكر الله عز وجل، وطاعتهما في غير معصية الله واجبة، والإحسان إليهما من أَجَلِّ الأعمال وأحبِّها إليه جل وعلا؛ قال تعالى: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖوَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [النساء: 36]، وقال تعالى: وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴿23﴾ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴿24﴾ [الإسراء: 23- 24].
وقال عز وجل: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان: 14].
ومن الأحاديث الواردة في هذا المقام:
عن عبد الله بن مسعود قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا». قال: ثم أي؟ قال: «ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ». قال: ثم أي؟ قال: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله».
وما جاء أيضًا عن عبد الله بن عمرو ب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الرَّبِّ فِي سَخَطِ الْوَالِدِ».
ورواه الطبراني بلفظ: «رِضَا الرَّبِّ فِي رِضَا الْوَالِدَيْنِ وَسَخَطُهُ فِي سَخَطِهِمَا».
وهذا ما لم يكن الوالدُ فيما يرُومه خارجًا عن سبيل المتقين، وإلا فرِضَا الرب في هذه الحالة في مُخالفته، وهذا وعيد شديدٌ يفيد أن العقوق كبيرة، وقد تظاهرت على ذلك النصوص.
وعلى هذا فمَن أمره والداه أو أحدهما بأمر مشروع فعليه أن ‏يُطيعهما ابتغاء مرضاة الله تعالى ثم مرضاتهما، وتجنبًا لسخط الله تعالى ثم سخطهما، هذا فضلًا عن أن الوالد مجبولٌ بطَبعِه على حُبِّ ما ينفع ولده والسعي فيه، وهو أسن منه، وأكثر ‏تجربةً في أمور الحياة، فالغالب على الظن أن رأيه سيكون أفضل للابن من رأي نفسه، ‏وإن كره الابن ذلك فكراهته له لا تدل على أنه صواب، فإن الله تعالى يقول: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [البقرة: 216]. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   14 متنوعات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend