كيف يوفِّق المسلم بين عبادته وإخباته لله تعالى وبين نصرته لهذا الدين والرد على الذين يكرهون ما أنزل الله على رسوله ممن يعيش في الوسط المسلم؟ وبيان شمول شريعة رب العالمين لأمر الدنيا والآخرة؟ وكيف يتحرَّز المسلم في إطلاق الأحكام على هؤلاء مع سماعه كُفرًا بواحًا أحيانًا وضيقًا وتبرمًا من شرع الله تعالى؟ أرجو بيان الثوابت والمتغيرات في هذا الأمر. حفظك الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإنَّ الأصل أيها الحبيب ألا ننشغل بإجراء الأحكام على الآخرين؛ لأننا لا نملك إنفاذ مقتضياتها في الواقع، اللهم إلا ما يُحدثه ذلك في نفوس بعضنا من شعور بالراحة؛ لأنه قد دمغ هؤلاء بالوصف الذي يستحقون، وربما يحمله ذلك على شعور ببراءة الذمة والاسترخاء في مواصلة الكدح لإقامة الدين، ظنًّا منه أنه بذلك يكون قد أدَّى ما عليه! فضلًا عما يُحدثه إجراء الأحكام على الآحاد من تفرُّقٍ في أغلب الأحوال، فالأولى أن تكون معركةُ المسلم مع العلمانية، مع الاختلالات العَقَدية والمنهجية، فهذا من المحكم الذي لا يختلف فيه ولا يختلف عليه، وإذا تمحضت دعوته في هذا الإطار استطاع أن يجمع حولها السواد الأعظم من طلاب الآخرة ومن المحبين لله ورسوله، ولكنه إذا دخل في مضيق إجراء الأحكام بدأ التشرذم والاختلاف. ونسأل الله الهداية للجميع، والله تعالى أعلى وأعلم.