كيف يُفهم المراد من آيات سورة المائدة ٧٨-٧٩ في الصراع العربي الإسرائيلي والدعم الأمريكي السخي والمستمر لإسرائيل. هل تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بالمصاحبة تحت مطلق اللعن في الآيات؟
بالنسبة لزواج المثليين وإقرار وتقنين المحكمة الدستورية العليا بالولايات المتحدة الأمريكية له، ما أثر التشريع السماوي على ذلك (أثر التشريع فيه فالصياغة غير واضحة)؟ نرجو التوضيح.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فنحن أمَّةُ دعوة في المقام الأول، وينبغي أن تكون إطلالتنا على العالم وعلى المجتمعات من حولنا من خلال هذه النافذة، أما توزيع اللَّعن يمنةً ويسرةً على من يستحقه، فتلك قضية مردُّها على التعيين والتحقيق إلى الله ، فهو أعلم بمدى إقامة الحجة، ومدى إزالة الشبهة، ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا(1).
لقد قدم لنا هذا المجتمع الكثيرَ، ونحن مطالبون بأن نردَّ له الجميل، في صورة دعوة مُخلصة، تنطلق من حِرصها على هداية الآخرين، وتوصيل كلمة الله إليهم، فإن لم يتيسر ذلك، فلا أقلَّ من حفظ مواثيق الأمان التي تربطنا بهم، منذ أن وطئت أقدامُنا هذه البلاد، والمحافظة على الصالح العام والمشترك الإنساني العام من الخير الذي يقبل به عُقلاء البشر كافة فوق كل أرض وتحت كل سماء.
نحن نحبُّ لهذا المجتمع أن لا تتفشَّى فيه ظاهرةُ الشذوذ الجنسي، وأولى من ذلك أن لا تتحول إلى قانون، بحيث تُقنِّنه الشرائع الدينية لهذا المجتمع، وتعقده الكنائس وتباركه، فإن هذا مُؤذن بخراب العمران، وأُفُول شمس الحضارات، فنحن ندعم كلَّ دعوة تتوجه بصدقٍ إلى نُصح من يملكون أزمَّة التوجيه في هذا المجتمع الصديق، أن لا تجرفهم هذه العاصفة، وأن لا تهوي بهم ريحُها إلى مكان سحيق.
نحبُّ لهذا المجتمع أن ينظر بعين الاعتبار إلى المحافظة على القيم الإنسانية التي جاءت بها الشرائع السماوية، واتفقت عليها العقولُ السويَّة، والفطر البشرية، فإن هذا هو صمامُ الأمان للمجتمعات، والعاصم لها من السقوط والانهيار.
نحبُّ لهذا المجتمع أن يكون عادلًا في تعامله مع القضية الفلسطينية، وأن يراجع موقِفَه منها في ضوء شرائع الحق والعدل، التي اتفقت عليها الشرائعُ السماوية، والقوانين الأرضية، فقد أرسل الله رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط(2).
ولن نألُو جُهدًا في تقديمِ النصيحة المخلصة الرفيقة من خلال القنوات الشرعية المتاحة في هذا المجتمع الذي كفل حريةَ الاعتقاد وحريةَ التعبير، وجعلها جزءًا من ثوابته الدستورية، ومرتكزاته الحضارية. والله تعالى أعلى وأعلم.
_____________________
(1) قال تعالى: {أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [النور: 64].
(2) قال تعالى: {قَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } [الحديد: 25].