كفارة الذُّنوب التي فُعلت عن جهل قبل التوبة

أنا الآن تبت إلى الله جل وعلا، وأصبحت ملتزمًا ولله الحمد، وبعد أن تقربت إلى الله عرفت شريعته أكثر، وهنا المصيبة، لقد علمت أن عليَّ ذنوبًا ولكن لم أكن أعلم بها، وهي أول ما بلغت، لم أكن أعرف أن العادة السرية محرمة، وكنت أصلي بعدها بدون غسل، وكنت أفعلها في نهار رمضان مع الجهل بأنها تفطر. وأنا الآن نادم وحيران بسبب تلك الأشياء، فما الحل؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد قال ربك جل وعلا في كتابه: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: 286]، وثبت في الصحيح أن الله تعالى قال: «قَدْ فَعَلْتُ»(1).
وصح أيضًا أن «التَّائِب مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ»(2).
نعم، لقد كان تقصيرك في التعلم تفريطًا بينًا؛ لأن هذا الذي تقول أنك تجهله من بدهيات الفقه وأبجدياته، فلا أكاد أعرف أحدًا يقول: إن العادة السرية لا توجب الغسل ولا تبطل الصوم. ولكن هكذا مضت الأمور.
ومسألة قضائك لما فاتك من عبادات لم تستوفِ شرائط صحتها موضع نظر بين أهل العلم، ولعل الأظهر أن حكم الخطاب لا يثبت في حقِّ المكلف إلا إذا بلغه؛ لقوله تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: 19]
فلا يلزمك قضاء ما فاتك عن جهالة، فـ «النَّدَمُ تَوْبَةٌ»(3)، فأشفِعه يا بني بالإكثار من النوافل صلاة وصيامًا، والإكثار من الاستغفار والتوبة وعمل الصالحات؛ فـ ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: 114]، وقد قال نبيك صلى الله عليه وسلم : «وَأتْبعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا»(4). ونسأل الله أن يمن عليك بالمغفرة والقبول. الله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق» حديث (126) من حديث ابن عباس ب.

(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب «الزهد» باب «ذكر التوبة» حديث (4250) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وذكره الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» حديث (3145) وقال: «حسن لغيره».

(3)  أخرجه أحمد في «مسنده» (1/422) حديث (4012)، وابن ماجه في كتاب «الزهد» باب «ذكر التوبة» حديث (4252) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (4/248) وقال: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات»، وذكره الألباني في «صحيح الترغيب والترهيب» حديث (3147) وقال: «صحيح لغيره».

(4) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/ 153) حديث (21392)، والترمذي في كتاب «البر والصلة» باب «ما جاء في معاشرة الناس» حديث (1987) من حديث أبي ذر رضي الله عنه . وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   11 التوبة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend