التوبة من الاستمناء

كنت قد ابتُليت منذ زمنٍ بالعادة السرية، فقد ابتُليت بها منذ كنتُ مراهقًا حتى أيام قليلة، ولكنني والحمدُ لله على كلِّ شيءٍ قد عزمتُ على أنني لا أرجع لهذة العادة السيئة مَرَّةً أخرى، ولكنني كنت قد مارستُها لفترةٍ كبيرة وأخاف أن أكون قد أُصِبْتُ بمرضٍ من أمراضها العديدة، ولا أعرف هل أصبت أم لا، ولكنني أُحس أن لديَّ سرعةَ قذفٍ وأخاف من أن تكونَ هذة العادة الخبيثة قد أورثتني شيئًا لا يُمكن أن يُعالَجَ. فهل عليَّ كفارةٌ عما مضى؟ وهل هذه العادة بعد تركها تبقى آثارها ولا تذهب وتشفى؟ فإنني كنت قد قرأت قبل ذلك أن الجسمَ يعود لحالته الطبيعية بعد فترة من تركها. فهل هذا صحيح؟ وإن كان صحيحًا فما هي الفترة التي يعود بعدها الجسمُ إلى حالتة الطبيعية؟ أسالكم الدعاءَ لي على عدم العودة إليها، وجزاكم اللهُ خَيْرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد سألتَ يا بني أسئلةً عديدة؛ بعضها مَرَدُّه إلى الفقهاء، وبعضها مردُّه إلى الأطباء. أمَّا ما تُورثه هذه العادة من أمراضٍ ومدى كونها مستعصيةً أم لا وما هي الفترة المطلوبة للنقاهة واستعادة العافية فتلك أسئلةٌ طبية، وإن كنا نؤمن في الجُملة بأنه «مَا أَنْزَلَ الله عز وجل  دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً؛ عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ»(1).
أمَّا الكَفَّارةُ فلا نعرف لهذا العمل كفارةً بعينها، اللهمَّ إلا ما جاء في النُّصوص العامَّة من مثل قوله ﷺ: «وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْـحَسَنَةَ تَمْحُهَا»(2)، وقولِه تعالى: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ﴾[هود: 114].
فأخلِص التَّوْبةَ، وشمِّر عن ساعِدِ الجِدِّ، واصدُقْ ربَّك يصدقك، وسوف تجد إن شاء اللهُ من حلاوة الطاعة وبشاشة الإيمان ما يُغنيك اللهُ به عن هذه المهالك.
أسأل اللهَ أن يرُدَّنا وإيَّاك إليه ردًّا جميلًا، وأن يُعيننا وإيَّاك على ذِكْره وشكره وحسن عبادته. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

__________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/413) حديث (3922)، وابن ماجه في كتاب «الطب» باب «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء» حديث (3438) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (4/50) وقال: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات».

(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/153) حديث (21392)، والترمذي في كتاب «البر والصلة» باب «ما جاء في معاشرة الناس» حديث (1987) من حديث أبي ذر رضي الله عنه ، قال: قال لي رسول الله ﷺ: «اتَّقِ الله حَيْثُمَا كُنْتَ وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْـحَسَنَةَ تَمْحُهَا وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   11 التوبة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend