ما معنى حديث النبي ﷺ: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى»(1)؟
وهل معنى هذا الحديث: أنه يمكن زيادة ساعات النوم طالما أن الفرد مؤدٍّ لما عليه من صلوات ولكن يخشى أن يقع في خطأ نتيجة لطول وقت الفراغ؟
فهل من الأسلم أن نقضيها في النوم بدلًا من مشاهدة التليفزيون أو غيرها؟
__________
(1) أخرجه مسلم (681).
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن معنى هذا الحديث يلتقي مع حديث: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْـمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ»(1).
فمن كان نائمًا واستيقظ وقد فات وقتُ الصلاة فلا يُعدُّ مُفرِّطًا ما دام قد أعدَّ العدة لليقظة، وإنما التفريط في هؤلاء الأيقاظ المتكاسلين عن أداء الصلوات المكتوبات حتى يخرج وقتها أو يكاد.
فإن نص الحديث: «لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ في الْيَقَظَةِ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»(2).
أما ما ذكرته فتحتمله القواعد العامة، ولكن ينبغي ألا تطيل وقت النوم في غير حاجة، بل استثمر ذلك في عمل نافع مفيد، مثل الذكر وتلاوة القرآن، أو طلب علم نافع، أو في عمل من أعمال النفع العامة.
وتذكر حديث: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ، وَالفَرَاغُ»(3).
زادك الله حرصًا وتوفيقًا. والله تعالى أعلى وأعلم.
___________________
(1) أخرجه الترمذي في كتاب «الصلاة» باب «ما جاء في النوم عن الصلاة» حديث (177)، والنسائي في كتاب «المواقيت» باب «فيمن نام عن صلاة» حديث (615)، وابن ماجه في كتاب «الصلاة» باب «من نام عن الصلاة أو نسيها» حديث (698) من حديث أبي قتادة، وقال الترمذي: «حديث أبي قتادة حديث حسن صحيح، وقد اختلف أهل العلم في الرجل ينام عن الصلاة أو ينساها فيستيقظ أو يذكر وهو في غير وقت صلاة عند طلوع الشمس أو عند غروبها، فقال بعضهم: يصليها إذا استيقظ أو ذكر وإن كان عند طلوع الشمس أو عند غروبها. وهو قول أحمد وإسحاق والشافعي ومالك. و قال بعضهم: لا يصلي حتى تطلع الشمس أو تغرب».
(2) أخرجه مسلم (681).
(3) أخرجه البخاري في كتاب «الرقاق» باب «لا عيش إلا عيش الآخرة» حديث (6412) من حديث ابن عباس.