قطع والديه وإخوته لعدم مبادلتهم إياه شعور الشوق والحنين

أرجوك انصحني، أنا في بلاد الغربة وعلاقتي مع والدي وإخوتي الذكور فقط ليست جيدة، لم أجد منهم الدعمَ المعنويَّ ولا المساندة المرجوة، كنت أتواصل معهم سابقًا وكانوا لا يبادلونني نفس الشعور من الحنين والشوق والسؤال والمشاعر، فقطعت الاتصال بهم إلا في الأعياد فقط، وتواصلي بهم عن طريق الرسائل فقط، ووالدي أحيانًا يتصل بي ولا أعاود الاتصال به لأسابيع حتى يتصل هو. في قلبي شيء وتفكير ووسواس لا ينقطع.
كانت هناك مشاكل عائلية عديدة سابقًا، ولم أكن طرفًا فيها، ولكن كنت في صفِّ والدي وإخوتي على الحقِّ، ولكن عندما تعرضت لنفس المشكلة الجميعُ تخلَّى عني للأسف. لا أعلم ماذا أصنع؟ حتى إني لا أريد العودةَ للقائهم للأسف!
حسبي الله ونعم الوكيل. أتمنى منكم الدعاء قبل النصيحة بارك الله فيكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فأسأل الله أن يشرح صدرك للقيام بما افترضه عليك من البرِّ بوالديك وصلة رحمك، فلا يدخل الجنة يا بني عاق لوالديه، و«لَا يَدْخُلُ الْـجَنَّةَ قَاطِعٌ» يعني: قاطع رَحِمٍ(1).
تعجبت من قولك أن أباك يتصل بك فلا تردُّ عليه لمدة أسابيع، حتى يعاود الاتصال بك! وهذا لعَمْرُ الحقِّ من الجفاءُ البيِّنُ، ومن العقوق الظاهر، كيف استجزت ذلك؟! كيف؟! لا أدري!
تقول: إن إخوتك لم يبادلوك مشاعرَ الشوق والحنين، فقطعت صلتك بهم إلا في الأعياد، وما كان لك ذلك، فـ«لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالمُكَافِئِ، وَلَكِنَّ الْوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُه وَصَلَهَا». كما أخبر بذلك سيدك صلوات ربي وسلامه عليه(2).
وفي الحديث وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أَصِلُهم ويقطعوننِي، وأُحسِنُ إليهم ويُسيئونَ إليَّ، وأحلم عليهم ويجهلون عليَّ، فقال: «لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ المَلَّ، وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ الله ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ»(3).
تقول: إن إخوتك تخلَّوا عنك عندما وقعت في مشكلة لم ينصروك فيها، على الرغم من نصرتك لهم في موقف مشابه، العلاقة مع الرحم يا بني ليست علاقة مكافأة، من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته! بل علاقة بِرٍّ وإحسان وصلة، وقانونها: أن تصل من قطعك، وأن تُعطِي من منعك، وأن تُحسن إلى من أساء إليك.
الطريق يا بني قاصد وواضح: ارجع إلى رُشدك، وصِل رحمك، وبرَّ والديك، وأحسن إلى إخوتك، وتذكر قوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } [فصلت: 34، 35].
أسأل الله أن يعينَك على ذلك، وأن يثيبك عليه. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «ليس الواصل بالمكافئ» حديث (5991) مرسلًا عن حسن وفطر رحمهما الله.

(2) أخرجه مسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «صلة الرحم وتحريم قطيعتها» حديث (2558).

(3) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الصلاة» باب «إذا كان الثوب ضيقًا» حديث (362)، ومسلم في كتاب «الصلاة» باب «أمر النساء المصليات » حديث (441).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend