ظلم الآباء للأولاد

هذا الحديث «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» جعل الكثير من الآباء يُجرمون في حق أبنائهم، يا علماء المسلمين في السعودية الأب وزوجة الأب يجرمون بفتاة من تعذيب وغيره وفي النِّهاية يقولون في السعودية: لا نستطيع أن نفعل شيئًا؛ فأنت ومالك لأبيك، وأكثر ما فعلوه أن أخذوا تعهُّدًا على الأب ألا يُكرر تعذيبه لابنته.
ولكن ماذا يردع ذلك الأب، فكلُّ مرة يتعهَّد ويرجع لفعلته وفي النِّهاية: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ»، لماذا تفتحون الأبواب لنا- ونحن ذوو إيمان ضعيف- لترك الإسلام واعتناق غير الإسلام، والله إن زوجي قال لي: إذا كان هذا الحديث صحيح مثل ما يعمل فيه الشيوخ في السعودية سوف أترك الإسلام وأتوجَّه لدين آخر فيه الإنصاف والعدالة.
يا علماء المسلمين، لا تدفعونا للكفر، أرجوكم نُريد أن نبقى مسلمين، إذا كان الحديث صحيح فبالتأكيد يوجد له تتمَّة أو على الأقل شروط أو حدود وليس بالمطلق، لا تتركونا هكذا ضائعين تائهين نبحث عن ديننا ولا نجده.
للأسف نفتح «صحيح البخاري ومسلم» وحينما نقرؤهما لا نفهم نصفهما، فأين أنتم يا علماء الدِّين، نُريد أن نفهم وأن نعرف أن ديننا الذي رضعناه من طفولتنا أنه دين العدل والإنصاف.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا علاقة للحديث المذكور بقضايا الظُّلْم والتعذيب التي تتحدَّثين عنها، فالظُّلْم قبيح ومجرَّم في الملل كلها، وإِنَّمَا مورد الحديث في النَّفَقة(1)، ومفاده أنه لا حرج على الأب إذا احتاج أن يأخذ من مال ولده ما يكفيه، كما أنه لا حرج على الزَّوجة إذا لم يبذل لها زوجها كفايتها أن تأخذ من مال زوجها ما يكفيها وولدها ولو بغير علمه(2)، ولكن لا نعلم أحدًا قال: إن الأب مُسلَّط على ولده بالظُّلْم والتعذيب والبغي والاستطالة، وعلماء المسلمين في السعودية وغيرها أجلُّ من أن يقولوا بشيء من ذلك، وإن صدر عن بعضهم ما يُوهم شيئًا من ذلك فلابُدَّ أنه كان قولًا مبتورًا عن سياقاته وملابساته، ولله در القائل:
وكم من عائب قولًا صحيحًا
وآفته من الفهم السقيم(3)

فهوِّني على نفسك أيتها السائلة، واستعيذي بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وسلي الله أن يُلهمك رشدك، وأن يريك الحقَّ حقًّا وأن يرزقك اتِّباعه. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

____________________

(1) أخرجه البخاري (6678).

(2) ففي الحديث المتفق عليه: الذي أخرجه البخاري في كتاب «النفقات» باب «إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف» حديث (5364)، ومسلم في كتاب «الأقضية» باب «قضية هند» حديث (1714)، من حديث عائشة ل: أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم. فقال: «خُذي ما يكفيك وولدك بالمعروف». واللفظ للبخاري.

(3) البيت للمتنبي، من بحر الوافر، من قصيدة مطلعها:
إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق, 15 الأسرة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend