ما حكم العُزلة والانقطاع عن الناس حتى لا تنقطع الأنوار بالله عز وجل كما يدعو إليه أو يفعله كثير من السادة الصوفية؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا شكَّ أنه ينبغي أن تكون للعاقل ساعاتٌ يخلو فيها بنفسه، ويناجي فيها ربه.
أما الانقطاع بالكلية عن الخلق فقد يسع بعض الناس، ولكنه لا يصلح منهجًا عامًّا مطَّردًا في زماننا هذا، إذ لم يأت زمانه بعد؛ فإن «الْـمُؤْمِن الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الْـمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ»(1).
وما دام الناس يسمعون من الدعاة ويستجيبون لهم، فلا ينبغي اعتزالُهم، بل المشروع مخالطَتُهم، وأمرُهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، واستحياؤهم بالتوبة والإنابة إلى الله عز وجل، فـ«إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ الْعَوَامَّ»(2). والله تعالى أعلى وأعلم
—————————–
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/ 43) حديث (5022)، والترمذي في كتاب «صفة القيامة والرقائق والورع» باب «ما جاء في صفة الحوض» حديث (2507)، وابن ماجه في كتاب «الفتن» باب «الصبر على البلاء» حديث (4032) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(2) أخرجه الترمذي في كتاب «تفسير القرآن» باب «ومن سورة المائدة» حديث (3058)، من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، وقال: «حديث حسن»..