الرشوة للعمل في وظيفة في شركة بترول

بارك الله فيك يا شيخنا.
هل يجوز إعطاء مبلغ من المال لشخص سوف يوفر لي وظيفة في شركة بترول في مصر، وأنا لا أدري هل هذا جائز؟ وما الضوابط لهذا الأمر؟ بارك الله فيكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا يخلو حال هذا الشخص من أن يكون مسئولًا في هذه الشركة، أو أن يكون شافعًا لك من خارجها؛ فإن كان مسئولًا في هذه الشركة فأخذه المال على ذلك رشوة، وهي كبيرة من الكبائر، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن الراشي والمرتشي، كما هو في «المسند» من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما(1).
أما إن كان شافعًا من الخارج، فإن جماهير أهل العلم على المنع من ذلك؛ لما في حديث أبي أُمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ شَفَعَ لِأَخِيهِ شَفَاعَةً، فَأَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً، فَقَبِلَهَا؛ فَقَدْ أَتَى بَابًا عَظِيمًا مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا». رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني(2).
وسئل ابن مسعود عن السُّحت؟ فقال: هو أن تشفع لأخيك شفاعة، فيهدي لك هدية، فتقبلها(3).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وأما الهدية في الشفاعة، مثل أن يشفع لرجلٍ عند وليِّ أمرٍ ليرفع عنه مظلمة، أو يوصل إليه حقه، أو يوليه ولاية يستحقها، أو يستخدمه في الجند المقاتلة وهو مستحق لذلك، أو يعطيه من المال الموقوف على الفقراء أو الفقهاء أو القراء أو النُّساك أو غيرهم، وهو من أهل الاستحقاق، ونحو هذه الشفاعة التي فيها إعانة على فعل واجب، أو ترك محرَّم، فهذه أيضًا لا يجوز فيها قبول الهدية. هذا هو المنقول عن السلف والأئمة الأكابر»(4).
أما إذا فسد الزمان ولم يتيسر الوصول إلى الحق إلا من خلال الرشوة، ولم يوجد من يُستعدَى إليه من الولاة العدول، فتصبح في هذه الحالة رخصة لمن يبذلها وسحتًا بالنسبة لمن يأخذها. والله تعالى أعلى وأعلم.

____________________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/ 164) حديث (6532) ، وأبو داود في كتاب «الأقضية» باب «في كراهية الرشوة» حديث (3580) ، والترمذي في كتاب «الأحكام» باب «ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم» حديث (1337). وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح» حديث (3753).

(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/261) حديث (22304) ، وأبو داود في كتاب «البيوع» باب «في الهدية لقضاء الحاجة» حديث (3541) ، وذكره الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (3541).

(3) ذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (1/318).

(4) «مجموع الفتاوى» (31/286-287).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق, 10 الوظائف والأعمال

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend