تسويق مندوبي مبيعات شركة أدوية أصنافًا من شركات أخرى لمستشفى مقابل عمولة بغير علم صاحب المستشفى ولا صاحب الشركة

أنا مندوب مبيعات في شركة مستلزمات طبية، نتعامل مع المستشفيات والأطباء، وهناك مشكلة عويصة تكاد تكون مع الكثير من العملاء؛ فمثلًا مسئول مشتريات في أحد المستشفيات التي تتعامل معنا، يطلب من الأطباء في هذه المستشفى أصنافًا معينة لاستخدامها في العمليات، فيكلفنا هذا الشخص مسئول المشتريات بتوريد هذه الأشياء للمستشفى سواء وُجدت عندنا في الشركة أو من السوق، وقد تكون ماركة معينة من سلعة هي عندنا ولكن لا يريدون ماركتنا. ونحن نُورِّد هذه الأصناف في مقابل عمولة أو نسبة من الأرباح لهذا المسئول على كل صنف حسب الاتفاق والمفاوضة مع مسئول المشتريات هذا. فما رأيكم في هذه المعاملة؟ مع وجود الاعتبارات الآتية:
1. أنا مندوب مبيعات في الشركة المورِّدَة؛ آخذ مرتبًا بالإضافة إلى نسبة مئوية على المبيعات.
2. مسئول المبيعات هذا رجل كبير في السِّن في أواخر الخمسينيات؛ وهو عمُّ صاحب هذه المستشفى.
3. لا نعرف هل ابن أخيه صاحب هذه المستشفى يعلم بما يفعل أم لا.
4. ورثنا هذه المعاملة ممن سبقنا من مناديب المبيعات في شركتنا.
5. الحل إن كانت حرامًا قد لا يوافق صاحب شركتنا بقطع المعاملة، وقد يقول: اتركه يعمل معنا ولا تأخذ أنت نسبتك في المبيعات طالما أنت تعتبرها حرامًا، واتركها لي، ولكن سأستمر أنا شخصيًّا في التعامل مع الرجل وأرسل البضاعة.
6. هل يجبُ علينا إبلاغُ ابنِ أخيه صاحبِ المستشفى بهذا الأمر مع احتمالية أن لا يصدقنا أو أن يؤدي ذلك إلى قطيعة رحم بينهما.
7. ماذا نفعل فيما أخذناه من عمولات بسبب هذا الأمر على مدار سنوات عديدة فائتة؟ مع العلم أنني لا أملك مالًا أستطيع أن أسدد به أيَّ التزامات شرعية عليَّ بسبب هذا الموضوع.
8. تتكرَّر معاملات مشابهة لذلك مع الكثير من مسؤلي المشتريات؛ سواء في مستشفيات خاصة أو حكومية، وسواء أكانوا مسؤلي مُشتريات أو صرافي شيكات، وسواء كُنا نُورد تبعًا لمناقصات أو بدون مناقصات، وأحيانًا يحدث تَعدٍّ على الشركات الأخرى التي قد تكون حصلت على حق التوريد بموجب مناقصة معينة، فنورِّد بدلًا منها مقابل اتفاق على مبلغ من المال يأخذه مسئول مشتريات مثلًا في هذا المكان.
أفتونا مأجورين في هذه الأمور، مع وضع قواعد حاكمة لما يجوز وما لا يجوز من هذه المعاملات، وأي صور وأشكال أخرى تستَجِدُّ منها. والله ولي التوفيق.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن المسئولية المنوطة بمسئول المشتريات لدى جهة من الجهات تقتضي منه أن يجرى مناقصة على السلع التي يُراد توفيرها، ويحصل للجهة التي يمثلها على أكثر السلع جودة، وأزهدها سعرًا. لا تبرأ الذمة إلا بذلك، ولا يحمله على الخروج عن هذه القناعة إلا عرض من الدنيا يلوح له بها؛ فيخون الأمانة التي أنيطت بعنقه، وقد قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]. فتقاضيه لمبالغ أو امتيازات من الشركات المورِّدة مقابلَ محاباتها على حساب صاحب العمل سُحتٌ يأكله، وحرام يقذف به إلى جوفه، ويُطعم منه زوجه وولده، فلْيُقلَّ أو ليستكثِر! وعند الله يجتمع الخصوم ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ * فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ﴾ [الطارق: 9، 10]!
ومن ناحية أخرى فإنَّ الحقَّ في ذلك لصاحب العمل (صاحب المستشفى)؛ فإذا طيَّب ذلك لمسئول المبيعات عنده، سواء أكان قريبًا له أم لم يكن- فلا حرج؛ لأن للمرء أن يتصرَّف في مالِه كما يشاء، فمن حق صاحب العمل أن ينفذ مشترياته بأمر التوريد المباشر، وله أن يجرى على ذلك مناقصةً، وله أن يشتري من أحد الناس بسعر أعلى من سعر المثلِ لمصلحة يراها، أو لحسابات يُقدِّرها، ومرد الأمر في ذلك كله إليه، فهو أخبر بشئونه وأملك لقراره.
وعلى هذا فإن قال لك صاحبُ العمل: اتركه يعمل معنا، وأنا راض بذلك ومقرٌّ به، فقد ارتفع الحرج، وعاد الأمر إلى أصله من الحل.
وأرى أن تتحيَّلوا على إبلاغ صاحب العمل بذلك، ودعوه بعدها يتَّخذ قراره، فإن سكت عن ذلك وأقرَّه، فقد برأت ذمتكم، وإن اعترض وحاسب مسئول المشتريات فهنا يدقُّ الأمر، ويحتاج إلى تأمل فيما تسلمتم من عمولات لم يقرَّها صاحب العمل، ولم يرض بالسلوك الإداري الذي بنيت عليه، ولكن دعنا مبدئيا نمضي مع هذا القدر، ولكل حادث حديث. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع, 10 الوظائف والأعمال

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend