الامتداد القانونيَّ لعقود الإيجار وتوريثه عنوةً (الإيجار القديم)

أريد الاستفسار عن الآتي:
أنا أسكن في شقةٍ بإيجارٍ قديم منذ وُلدت منذ أكثر من ثلاثين عامًا، والآن أعيش في هذه الشقة مع أمي وأختي والإيجار زهيد جدًّا، واستفساري عن الآتي: هل هذا حرام؟ هل تُعتبر هذه الشقة دارًا مغصوبة؟ هل لا يقبل اللهُ جميعَ أعمالي؟ هل تُقبل صلاتي فيها؟ ولو صلَّيت في الجامع هل تُقبل صلاتي؟
أنا الآن لا أملك أن أعيش في مكانٍ آخر ولكنني حتمًا عندما أتزوَّج سأبحث عن شقة أخرى، وهذا غيرُ متوفِّرٍ الآن، وقد يأخذ عدة سنوات عندما تسمح إمكانياتي بذلك، لكنني أشعر أن كلَّ حياتي حرامٌ بسبب ذلك، هل هذا صحيحٌ وأن الله يُحاسبني على كلِّ الأعمال حلالها وحرامها طبقًا لآية: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزلزلة: 7، 8].
وهل لا يستجيب اللهُ دعائي بسبب ذلك؟ وشكرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فزادك الله حرصًا وورعًا وتحرِّيًا للحقِّ، ونودُّ أن نُعلمَكَ بأن الامتدادَ القانونيَّ لعقود الإيجار وتوريثه عنوةً ورغمًا عن المالك إنما تمَّ ذلك باسم القانون الوضعيِّ، ولم يتمَّ شيءٌ من ذلك باسم الشَّريعة، وهذا أثرٌ من آثار الحقبة الاشتراكية التي غشيت الساحة العربية في الستينيات، وهو من المظالم الجماعية التي لابد لها من معالجاتٍ تُعيد الأمورَ إلى نصابها.
ولا يخفى أنَّ تراكُمَ هذه المظالم وامتدادها على مدى هذه السنوات يزيد الأمور تعقيدًا ويجعل معالجتها أعسر، فقد ارتبطت بهذه الشُّقَق عشراتُ الآلاف من الأسر، ورتَّبت حياتَها عليها، وليس لها بديلٌ ميسورٌ في ظلِّ الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي لم تتعافَ منها الأُمَّة منذ عقودٍ من السنين، وإن الإلقاء بهذه الأسرِ فجأةً إلى عرض الطَّريق من غير ترتيبِ بدائلَ كارثةٌ اجتماعية، والإبقاء على هذه الأوضاع مظالم فادحة لأصحاب العقارات، وقد بدأت بعض الإصلاحات في القوانين ولكنها تمشي بخُطًى بطيئةٍ، وإن الحدَّ الأدنى الذي لا يسعك تركُه في ظلِّ مسيس حاجتك وعدم توفُّر البدائل هو استرضاء المالك برفع القيمة الإيجارية له بما تطيب به نفسُه؛ فإن طابت نفسه فقد برئت ذمتك وخرجت من العهدة؛ لحديث: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»(1).
وهذا هو الذي يُخرجك من شبهة الإقامة في دار مغصوبةٍ، وما يترتَّب على ذلك من عدم قبول الصَّلاة وإن كانت صحيحةً ومسقطةً للفريضة.
ونسأل اللهَ أن يجعل لك من أمرك يسرًا، وأن يُغنينا وإياك بحلاله عن حرامه، وبطاعته عن معصيته، وبفضله عمن سواه. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) متفق عليه.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 البيع

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend