أعاني الأمَرَّين من زوجتي، وتعترف بذنبها معي، فهي لا تتبعل لي، وتعذبني في حقوقي الجنسية، وتعاملني بغلظة لم أصادف مثلها قط في حياتي، فهي شديدة الغضب، عاقَّة لوالدَيْها، وبخاصة عاقَّة لأمها، وقلت لها: لو كنت أعلم ذلك ما تزوجتك.
قبل الزَّواج أخبرتها أنني لا أستطيع أن أعيش مع زوجة ترفع صوتَها على زوجها أو مجادلته، فقالت بأنها ليست كذلك، وبالطبع سألت عن أشياء مماثلة، وكان النفي، ثم ارتدت النقاب قبل العقد، فما كان مني إلا أني أصررت على الزَّواج منها فكان العقد والبناء. ومن إحقاق الحق هي تحب الله ورسوله، مستقيمة على شريعة الله، وتهاديني بهدايا طيبة إلا عند الغضب، فهي سريعة الغضب، ويصل إلى حد أن تسبني، ماذا أفعل حتى لا يقع هذا البيت فأنا أشعر بأنني سأصاب بجلطة دماغية أو صدمة قلبية فقد أصابني الاكتئاب؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فأذكرك بقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم : «لَا يَفْرَكُ(1) مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ». وأنت تذكر عن زوجتك أنها تحب الله ورسولَه، مستقيمة على شريعة الله، وتهاديك بهدايا طيبة، إلا عند الغضب، فهذه بتلك، ولا ينفي هذا السَّعْي لاستصلاح أحوالها، ولكن من النَّاس من يوهب نقصه لفضله.
أحسب أنك في حاجة إلى تعهد زوجتك تربويًّا ودعويًّا وعلميًّا من خلال السَّعْي إلى انتظامها في حلقات تعليم من خلال معاهد إعداد الدعاة، أو من خلال الجامعات المفتوحة، أو من خلال أي طريق يتاح لك لتعلم فقه الأسرة وفقه التدين بطريقة منهجية منظمة، وسوف تجد بركة ذلك في حياتك عاجلًا غيرَ آجلٍ بإذن الله، وسوف تدرك زوجتك من خلال ذلك أن حسن تبعلها لزوجها يعدل كل جهاد الأزواج وكدحهم خارج بيوتهم في استباق الخيرات وعمل الصَّالحات.
وبقيت كلمة أخيرة: إن كل ما على وجه الأرض من نساء ومن متاع لا يساوي أن تترك نفسك فريسة للاكتئاب وعرضة للإصابة بالجلطات الدماغية، ليتك تردد مع هذا النَّاسك قوله: إلهي ماذا وجد من فقدَك؟! وماذا فقد من وجدك؟! أو تتأمل قول الآخر:

أرجو أن تستعلي بإيمانك بالله على أزمتك، فإن الإيمان هو الترياق المجرَّب، ثم سلِ الله في خلواتك أن يرفع عنك البلاء، وأن يربط على قلبك، وأن يصلح لك زوجك، وأرجو أن تجد من لطائف ربك ورحماته ما لم يكن يخطر لك على بال. والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) أي: يبغض.

(2) هذه الأبيات للحلاج؛ وهي من بحر الطويل.