سب الدين: التوبة منه وأثره على الزواج

أبي سبَّ الدين في حالة غضب، وبعد ذلك مارَس حياته كأي مسلم، علمًا بأنه متدين. فما حكم الدين في زواجه من أمي؟ علمًا بأنه لا يعلم أي شي في أن سب الدين قد يُوثر على الزواج. فهل علاقته بأمي حرامٌ أم حلال؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن سب الدين إن قصد به الدينَ المنزل على محمد ﷺ فهو عملٌ من أعمال الكفر الأكبر، والتوبة معروضة بعد.
ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65، 66].
وقد نزلت في أناس لم يُعلنوا بسبِّ الدين صراحةً، لكنهم طعنوا في حملته ونقلته فقالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنًا ولا أجبن عند اللقاء(1). إن كان غضبه شديدًا قد بلغ به مبلغ الإغلاق بحيث لا يشعر معه بما قال- فلا شيء عليه.
ومن تاب من عمل من أعمال الكفر الأكبر كسبِّ الدين أو الاستغاثة بغير الله، لا يلزمه تجديدُ عقد نكاحه في الأظهر من أقوال أهل العلم، فإن الصحابة لم يطالبوا المرتدين الذين راجعوا الإسلام بتجديد عقود أنكحتهم.
فذكِّريه بتجديد التوبة، وانصحي له بإمساك لسانه، فـ«إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ الله لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ الله بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ الله لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ»(2).
نسأل الله لنا وله العافية. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) ابن جرير الطبري في «تفسيره» (10/172).

(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الرقاق» باب «حفظ اللسان» حديث (6478)، ومسلم في كتاب «الزهد والرقائق» باب «التكلم بالكلمة يهوي بها في النار» حديث (2988)، من حديث أبي هريرة . واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْـمَشْرِقِ وَالْـمَغْرِبِ».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح, 09 نواقض الإيمان., 15 الحدود

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend