تقدم القبول على الإيجاب في عقد النكاح

عندي سؤال عن صحة نكاحي.
بحمد الله تزوجت زوجتي قبل عدة أسابيع، وهي من بلد آخر، فسافرتُ مع أهلها إلى بلدي لعقد النكاح، تم العقد في المسجد مشافهة وكتابة أمام جمع من الحاضرين، ووقَّعتُ ووقَّعتْ زوجتي على ورقة العقد ووقَّع أبوها والشاهدان، وكتبنا عليها مبلغ الصداق.
بعد أسبوع رجعَتْ زوجتي مع أهلها إلى بلدها، بدون أن أدخل بها، وسنجتمع بعد حوالي ثلاثة أسابيع للزفاف بإذن الله، بعد رجوع زوجتي إلى بلدها قرأت شيئًا في أحكام النكاح جعلني أشكُّ في صحة نكاحي من ناحية الصيغة فقط؛ فقد كانت صيغة العقد على النحو الآتي حسبما أتذكر: قلتُ لوالد زوجتي: أنا- وذكرتُ اسمي- المسلم البالغ ألتمس النكاح بكريمتكم- وذكرتُ اسم زوجتي- بالمهر المسمَّى بيننا على الكتاب والسنة. فقال أبو زوجتي: قبلتُ. فقلتُ: نكحتُها.
وسبب شكِّي في صحة الصيغة هو أنَّ أبا زوجتي لم يقل: أنكحتُك ابنتي، أو: زوَّجتُك ابنتي. وأنا لم أقل: قبلتُ. بل أنا الذي ذكرت النكاح وهو الذي ذكر القبول.
هذا مع أن المقصود كان بينًا واضحًا وأن بقية الأركان والشروط لا شبهة فيها إن شاء الله.
فالسؤال: هل عقد نكاحي صحيح؟
أرجو من فضيلتكم جوابًا عاجلًا وافيًا، لاسيما أنني وزوجتي نتكلم عبر الهاتف ونتراسل حاليًّا، وتقترب ليلة الزفاف. وجزاكم الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فليطمئن قلبك؛ فعقد نكاحك صحيح ولا يضره ما ذكرت، وعند جمهور أهل العلم(1) يصح تقدم القبول على الإيجاب؛ لأنه قد وجد الإيجاب والقبول فيصح كما لو تقدم الإيجاب.
واعلم رحمنا الله وإياك أنه لا يشترط التلفظ بلفظ «قبلت»، بل يصح بما يقوم مقامها الدال على القبول والرضا كما حدث معك، لأن العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.
والذي يؤكد هذا ورود السنة بألفاظ أخرى، كقول النبي ﷺ: «مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ»(2) لما أراد هذا الصحابي الزواج بالمرأة التي رغب فيها وطلب من النبي ﷺ ذلك، مما يؤكد على أن الألفاظ هذه ليست تعبدية.
بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير، والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________

(1) جاء في «المغني» (7/80): «فصل: إذا تقدم القبول على الإيجاب. لم يصح. رواية واحدة، سواء كان بلفظ الماضي، مثل أن يقول: تزوجت ابنتك. فيقول: زوجتك. أو بلفظ الطلب، كقوله: زوجني ابنتك. فيقول: زوجتكها. وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي: يصح فيهما جميعًا؛ لأنه قد وجد الإيجاب والقبول، فيصح كما لو تقدم الإيجاب».

(2) أخرجه البخاري في كتاب «النكاح» باب «إذا قال الخاطب للولي: زوجني فلانة. فقال: قد زوجتك بكذا وكذا. جاز النكاح وإن لم يقل للزوج: أرضيت. أو قبلت» حديث (5141) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend