تصوير حفلات الزفاف فيديو

أريد أن أروي لحضراتكم قصتي وأرجو أن يتسع صدركم لقراءة رسالتي:
والدي يعمل موظفًا بإحدى المصالح الحكومية، وراتبه والحمد لله جيد، ومن يوم أن بلغت سن الصَّلاة ووالدي ووالدتي جزاهم الله عني خيرًا علموني وأرشدوني، وهذا من فضل ربي أن وهبني أبًا وأمًّا أرشداني منذ صغري واستطعت وأنا في المرحلة الابتدائية أن أحفظ تسعة أجزاء من كتاب الله بفضل توجيههم وإرشادهم لي والحمد لله.
والدي يحافظ على الصَّلَوات في المسجد المجاور لبيتنا، لكن المشكلة أن والدي يعمل في مجال تصوير الفيديو، وقد تأتيه مناسبات مختلفة لتصويرها مثل المناقشات العلمية أو الأفراح، وطبعًا حضرتك تعرف شكل الأفراح وما تحتويه من منكرات، وطبعًا والدي يقوم بتسجيل الأفراح بكاميرا الفيديو ويعطي لأهل الفرح نسخة منها نظير أجر.
ووالدي في هذا المجال منذ عشر سنوات تقريبًا، وقد تكلمت معه كثيرًا في أن هذا الأمر لا يجوز شرعًا، وأن المال الذي يتقاضاه ليس مالًا طيبًا وهو معترف بذلك لكنه يتعلل بأن المصاريف كثيرة ونحن أسرة كثيرة الطلبات.
وللعلم والدي في الخامسة والخمسين، ومما دعاني للكتابة لحضرتك هو إشفاقي على والدي، فأنا أتمنى له الخير وأرجو من الله أن يهديه ويُبعده عن هذا المجال.
سؤالي: هل هناك باب للتوبة لوالدي؟ وكيف يتبرأ من الشرائط التي قام بتصويرها خلال عشر سنوات؟
أرجو من حضرتك بدايةً الدُّعاء لي ولوالدي بالهداية والتَّوفيق، وأن توجه كلمة لوالدي تنصحه فيها بما هو خير له، وسوف أقوم بطباعة الفتوى وسأجعله يقرؤها. وجزاك الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فبارك الله لوالدك فيك، وزادك برًّا به وإحسانًا إليه، ووالدك مقر بحرمة هذا العمل لا يجادل في ذلك، ولكنه يتعلل بالحاجة وكثرة النفقات، فنسألُ اللهَ أن يجعلَ له فرجًا ومخرجًا، وأن يرزقه حسن الظن بربه وحسن التوكل عليه، حتى يعلم أن من يتوكل على الله فهو حسبه(1)، وأن من يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب(2).
أما بالنِّسْبة للتوبة فنقول لك: إن باب التَّوْبة مفتوح لما هو أكبر من ذلك، كالشرك والكفر، فكيف لا يُفتح أمام ما هو دون الكفر والشرك؟! وما مضى ولا يستطيع تداركه أرجو أن يدخل بالتَّوْبة في إطار عفو الله عز و جل ؛ لأن اللهَ لا يكلف نفسًا إلا وسعها(3)، وعليه أن يُكثر من الحسنات، فإن الحسنات يُذهِبن السَّيِّئات(4).
ونقول لوالدك: إن اللهَ قد رزقك ولدًا صالحًا وهو خير لك مما طلعت عليه الشمس، ومن حقه عليك أن تطيب مطعمه إبقاء على نفسك وعليه، فإن اللحم إذا نبت من حرام كانت النار أولى به(5).
ونسألُ اللهَ أن يرزقكم السداد والرشاد. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 3].

(2) قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا *  وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2، 3].

(3) قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 286].

(4) قال تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: 114].

(5) فقد أخرج الطبراني في «الأوسط» (6/311) حديث (6495) من حديث ابن عباس ب، أن رسول الله ﷺ قال: «أَيُّمَا عَبْدٍ نَبَتَ لَـحْمُهُ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ». وذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (3/350) وقال:«رواه الطبراني ورواته إلى نصيح ثقات، وقد حسن هذا الحديث أبو عمر النمري وغيره، وركبٌ قال البغوي: لا أدري سمع من النبي  ﷺ أم لا، وقال ابن منده: لا نعرف له صحبة. وذكر غيرهما أن له صحبة، ولا أعرف له غير هذا الحديث»، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/291) وقال: «رواه الطبراني في الصغير وفيه من لم أعرفهم»، وذكره الألباني في «السلسلة الضعيفة» حديث (1812).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 النكاح

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend