أيمان طلاق

حدث لي أمور حلفت فيها يمين طلاق:
الأمر الأول: حلفت يمينًا بالطلاق على زوجتي عندما خرجنا إلى مركز تجاري لشراء بعض الملابس، فتشاجرنا في الطريق، وعندما وصلنا رفضت زوجتي أن تنزل من السيارة، حاولتُ معها مرارًا وتكرارًا ولكنها لم تنصع، فغضبتُ غضبًا شديدًا وصِحت فيها، حتى إن شرطة المركز التجاري أتت وسألتنا عما إذا كانت هناك مشكلةٌ، فقلنا لهم: ليس هناك من مشكلة. وعندها نزلت زوجتي من السيَّارة ومشت معي، ولكنني كنت ما زلت غاضبًا أشدَّ الغضب منها لأنها لم تصغِ لكلامي ورفضتِ النزول من السيارة إلا عند حضور الشرطة. وحالَ دخولِنا طلبتُ منها أن تشتري لنفسها الأشياء التي أتت بنا إلى هذا المركز ولكنها رفضت وقالت بأنه ليس لها رغبة في أن تشتري أيَّ شيءٍ لأنني أغضبتها. فازداد غضبي، وغضبتُ غضبًا جمًّا، وقلتُ لها: «إذا لم تشتر شيئًا الآن فأنتِ طالقٌ بالثلاث إذا كنتُ سوف أشتري لكِ أيةَ ملابس بعد اليوم». وبعد يميني هذا لم تشتر، وخرجنا، ومرَّتِ الأيَّام واشتريتُ لها ملابس، وكنت قد نسيتُ أمرَ اليمين، وعندما اشتريت لها الثِّياب ذكَّرتني بأمر اليمين هذه.
الأمر الثاني: هو أنني حلفتُ عليها يمين الطَّلاق بألا تُصافح أبناء عمِّها أو أبناء أخوالها، ولم أحدد إخوتي، وعندما جاء أخي لزيارتي سلَّمَتْ عليه وذكَّرتني بيمين الطلاق، وكنت أيضًا قد نسيتُ هذا الأمر.
الأمر الثالث: أنني حلفتُ عليها يمين طلاقٍ ألا تضع الأغاني كرنة لهاتفها المحمول، فقالت لي: إن شقيقتَها الصُّغرى أخذت منها هاتفها وغيَّرت الرنة ووضعت أغنية، علمًا بأن زوجتي لم تكن تعرف برنة هاتفها وفوجئت بصوت أغنية، فسألتُها عمَّا إذا كانت هي مَن قام بوضعها فحلفَتْ لي أشدَّ الأيمان أنها ليست هي، بل شقيقتها الصغرى.
الأمر الرابع: أنني حلفتُ عليها يمينًا بالطلاق ألا تنظر من النافذة أو تقف أمام النافذة لأن هناك شبابًا في الشارع، فأخبرتني أنها انصاعت للأمر وأنها لن تفعل. وبالفعل لم تفعل ذلك، ولكنها قالت لي أنني قلت لها: «حتى إذا زَحْزَحَتِ الريحُ ستائر النافذة فأنتِ طالقٌ». وأنا لا أذكر أنني قلت لها هذا الكلام إطلاقًا، وحتى لو كان فهذا لم يكن في نيِّتي، لأني أعلم أن الريح تزحزح الستائر ألف مرة في اليوم، ولم تكن في نيِّتي الستائر، وإنما كان في نيِّتي الأمر الآخر.
الأمر الخامس: أنني حلفتُ عليها يمين طلاقٍ بألا تحمل في يدها حقيبة «فيكتوريا سيكرت»، وهو اسمُ ملابس نسائية داخلية مشهور بالملابس الخليعة، علمًا بأن هذه الحقيبة تحمل هذا الاسم بالخط العريض، وفي إحدى المرَّات ذهبَتْ إلى هذا المحلِّ واشترت شيئًا من هناك، وأعطوها كيسًا صغيرًا فحملته وخرجت به. وفي وقتٍ لاحق تذكرت اليمين التي حلفتُها عليها وقالت لي أنها نسيت تمامًا أمرَ اليمين، وأن تلك الحقيبة كان صغيرًا جدًّا، وليس كتلك الحقيبة أو الكيس الكبير. علمًا بأنها الآن في بيت أهلها حتى نتأكد من أنها ما زالت تجوز وتحلُّ لي أم لا.
علمًا بأن لدينا طفلًا صغيرًا لم يتعدَّ السنتين، وهي ترغب في العودة إلى البيت، وأنا كذلك. أفتونا في أمرنا أثابكم الله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فكم يُحزنني أن تكون حلَّافًا على هذا النحو، وأن تجعل من الحلف بالطلاق والتهديد به وسيلتَكَ إلى إمضاء ما تُريد، وهذه وسيلةُ العاجز.
والطلاقُ وإن كان مباحًا في الأصل ولكنه بغيضٌ إلى الله، بل هو أبغض الحلال إلى الله عز وجل ، فاستغفر الله عز وجل ، وجدِّد العزم على عدم إجراء لفظ الطَّلاق على لسانك بعد اليوم إلا في المُلِمَّات الكبار التي يتعيَّن الطَّلاق سبيلًا إلى الخروج منها.
أما بالنِّسبة لطلاقك الأول إذا كنت قد خالفتَ مقتضى اليمين ناسيًا فلا شيء عليك ولا يقع بذلك طلاقك؛ لأن اللهَ تجاوز لهذه الأمة عن خطئها وسهوها، ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: 286] قال: «قَدْ فَعَلْتُ».
ولكن السؤال لا يزال قائمًا: هل ستظلُّ بقيَّة عمرك لا تشتري لها ثيابًا؟! هل يصلح ذلك؟! وهل تَقْوَى عليه؟!
أما بالنِّسبة لطلاقك الثاني؛ فإنه وإن كانت قد أَثِمَت بمصافحتها لأخيك إلا أن طلاقك لم يقع، لأنك لم تحلف على إخوتك، وإنما حلفت على أبناء عمِّها وأبناء خالها، فيلزمها التوبة فقط.
أما بالنِّسبة لطلاقك الثالث؛ فإن كانت لا تعلم بما فعَلَتْه أختُها فلم تأذن لها به ولم يكن عن رضًا منها ولا تشاورٍ معها فلا يلزمها من ذلك شيءٌ، ولا يقع بمثل هذا الطلاقُ.
أما بالنِّسبة للطلقة الرابعة إذا كنتَ لا تذكر أنك قلت: «إذا حرَّكتِ الرِّيحُ الستائر فأنتِ طالقٌ» فلا شيء عليك من ذلك، إذ القولُ قولُكَ، وهذا الذي يسوغ في العقل؛ إذ لا يعقل منك أن تقول لزوجتك: «إن حرَّكتِ الرِّيحُ الستائر فأنتِ طالقٌ» وقد علمتَ أن الريح تحرِّك الستائر عشرات المرات يوميًّا.
أما بالنِّسبة للطلقة الخامسة؛ فإن كانت قد أخذتِ الكيسَ ناسيةً أمرَ اليمين أو متوهِّمةً أن الذي حلفت عليه هو ما كان من هذه الأكياس مكتوبًا بالخطِّ العريض، فأرجو ألا حرج عليها كذلك؛ لأن الأمرَ في هذه الحالة يدور بين النِّسيان والخطأ، وكلاهما مرفوعٌ.
وأخيرًا أيُّها الحبيبُ أختم رسالتي بما بدأتُها به: تُبْ إلى الله من إدمان الطلاق، ولا تُجْرِ هذا اللَّفظ البغيض على لسانك مرة أخرى، واجمع هِمَّتَك على رعاية زوجتك ورعاية ابنك منها. ونسأل الله لنا ولكم العافية، والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend