صيام الست من شوال قبل قضاء رمضان

صيام الست من شوال قبل قضاء رمضان

السؤال:

هل يجوز صيام الست من شوال قبل قضاء رمضان؟ لأنني قرأتُ على الإنترنت فتوى بأنه يجوز تقديمُها؛

لأن عائشةَ أم المؤمنين كانت تقوم بالقضاء في شهر شعبان ومع ذلك كانت تصوم شوال وعرفة وعاشوراء،

فهل يجوز ذلك أم لا؟ وجزاكم الله كل خير

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:

فلا شَكَّ في أن المبادرةَ إلى قضاء الصِّيامِ الواجبِ أولى من أداء التطوُّع؛

لقوَّة الواجب وعلُوِّ مرتبتِهِ على المستحَبِّ في الجملة؛ فقد قال تعالى في الحديث القُدْسي:

«وَمَا تَقَرَّبَ إِلَـيَّ عَبْدِي الْـمُؤْمُنُ بِمِثْلِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَلَا تَعَبَّدَ لِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ»(1).

وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»(2).

فإذا كان عليه صومٌ واجب من رمضان ولم يأتِ به فلا يَصدُق عليه أنه صام رمضان، وإنما صام بعضَ رمضان؛

ولذلك لا يَحصُل على الثواب الوارد في الحديث، وهو أجر صيام الدهر، فلكي يحصلَ على الثواب الوارد في الحديث كاملًا ينبغي أن يستكملَ صيامَ رمضانَ،

ولكن هذا لا ينفي جوازَ تقديمِ صيامِ السِّتِّ من شوالٍ عند الحاجة إلى ذلك،

كما لو تشاغل عنِ القضاء حتى لم يبقَ من شوالٍ إلا ما يكفي لصيام الستِّ أو نحوه،

فلا حرج في هذه الحالة في تقديم صيام الستِّ من شوالٍ وقد صار وقتُها مُضيَّقًا والقضاء مُوسَّعًا،

والـمُضيَّق مقدَّمٌ على الموسَّع، ومن الأدلة على ذلك إقرارُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم  لفعل عائشة قالت:

كان يكون عليَّ الصومُ من رمضانَ فما أستطيعُ أن أَقْضِيَ إلا في شعبانَ. متَّفقٌ عليه(3). قال ابن حجر:

«وفي الحديث دلالةٌ على جواز تأخير قضاء رمضان مطلقًا، سواءٌ كان لعُذْرٍ أو لغير عذر؛

لأنَّ الزيادةَ كما بيَّناه مدرجةٌ- ويقصد بالزيادة: الرِّواية التي أخَّرَتْ فيها القضاءَ إلى شعبان لمانعِ الشغل بالنَّبيِّ ﷺ- فلو لم تكن مدرجةً لكان الجواز مقيَّدًا بالضَّرورة؛

لأنَّ للحديث حكْمَ الرفع؛ ولأنَّ الظَّاهِرَ اطِّلاعُ النَّبيِّ ﷺ على ذلك، مع توفُّر دواعي أزواجه على السُّؤال منه عن أمر الشَّرْع،

فلولا أنَّ ذلك كان جائزًا لم تواظب عائشةُ ل عليه»(4).

ولا يقولَنَّ قائلٌ: إن القضاءَ واجبٌ وصيامَ السِّتِّ مستحبٌّ، والواجب مقدَّم على المستحب؟

نعم، الواجب مُقدَّم على المستحب حالَ التزاحم، كمن يُريد أن يُصلِّي راتبةَ الفجر وقد أُقيمت الصَّلاة للفريضة،

ولكن لا تَزاحُمَ بين السِّتِّ والقضاء في مسألتنا، فمن الخطأ تطبيقُ قاعدة «الواجب مُقدَّم»،

وإنما نطبِّق قاعدةَ «تقديم المضيَّق»، وهو مذهبُ جمهور العلماء من الشافعية(5) والحنابلة(6) والمالكية(7).

والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) أخرجه الشهاب القضاعي في «مسنده» (2/327) حديث (1457) من حديث عائشة ل.

(2) سبق تخريجه إتباعًا» حديث (1164).

(3) سبق تخريجه رمضان» حديث (1950).

(4) «فتح الباري» (4/191).

(5) جاء في «إحكام الأحكام» من كتب الشافعية (2/23): «جواز تأخير قضاء رمضان في الجملة، وأنه موسع الوقت».

(6) جاء في «الفروع» من كتب الحنابلة (3/130-131): «وقضاء رمضان موسع الوقت، كمن نذر ركعتين عقب الزوال، يبدأ بهما قبل الظهر، لسعة وقتها، وتعيين النذر بذلك الوقت».

(7) جاء في «حاشية الدسوقي» من كتب المالكية (1/516): «فقضاء رمضان موسع وصوم التمتع وما معه مضيق والقاعدة تقديم المضيق على الموسع».

 

يمكنكم الإطلاع على المزيد من فتاوى الصيام الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي.

كما ويمكنكم متابعة كافة الدروس والمحاضرات والبرامج الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 الصيام

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend