صيام العشر من ذي الحجة

هل من السنة صيام العشر من ذي الحجة؟ وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صامها، أم أن الحديث الوارد في ذلك لم يصح وصيامها بدعةً؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد روى البخاري في «صحيحه» عن ابن عباس رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى الله مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» يعني أيام العشر. قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «وَلَا الْـجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»(1).
والصيام من جملة الأعمال الصَّالِحة بلا نزاع، فيشرع صوم هذه الأيام، ولعل السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره.
ويتأيَّد صومه بما ورد في «سنن أبي داود»: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر: أوَّلَ اثنين من الشهر والخميس. وقد صححه الألباني :(2).
والمراد التسعة الأولى من ذي الحجة؛ إذ يحرم صوم يوم النحر اتفاقًا.
ولما روي عن أم المؤمنين حفصة ل قالت: أربع لم يكن يدعهن النبي صلى الله عليه وسلم : صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، وركعتين قبل الغداة(3). وإن كان فيه بعض الاضطراب.
وهذا الحديث وإن ضعَّفه بعض أهل العلم كالألباني، إلا أنه يتقوى بالشاهد السابق، وعلى هذا فصيامُ هذه الأيام ليس بدعةً.
ويكون الجمع بينه وبين ما رواه مسلم في «صحيحه» عن عائشة ل من قولها: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم  صائمًا في العشر قط(4). أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم  كان يصوم العشر في بعض الأحيان، فاطَّلعت حفصة على ذلك وحفظته ولم تطلع عليه عائشة، أو اطَّلعت عليه ونسيته. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

_______________________

(1) أخرجه بنحوه البخاري في كتاب «الجمعة» باب «فضل العمل في أيام التشريق» حديث (969)، وأخرجه بلفظه وتمامه أبو داود في كتاب «الصوم» باب «في صوم العشر» حديث (2438)، والترمذي في كتاب «الصوم» باب «ما جاء في العمل في أيام العشر» حديث (757)، وقال الترمذي: «حسن صحيح».

(2) أخرجه أبو داود في كتاب «الصوم» باب «في صوم العشر» حديث (2437) من حديث بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، وصححه الألباني في «صحيح وضعيف سنن أبي داود» حديث (2437).

(3) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/287) حديث (26502)، والنسائي في كتاب «الصيام» باب «كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك» حديث (2416)، وابن حبان في «صحيحه» (14/332) حديث (6422)، وضعفه الألباني في «ضعيف سنن النسائي» (2416).

(4) أخرجه مسلم في كتاب «الاعتكاف» باب «صوم عشر ذي الحجة» حديث (1176).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 الصيام

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend