التتابع في صيام الكفارة أثناء عيد الأضحى وأيام التشريق

التتابع في صيام الكفارة أثناء عيد الأضحى وأيام التشريق

السؤال:

شيخي الحبيب ما حكم التتابع في صيام الكفارة أثناء عيد الأضحى وأيام التشريق ؟

كان عليَّ صيام شهرين متتابعين، فصُمت يوم عيد الأضحى وأيام التشريق أيضًا،

فما حكم ذلك؟ وإن كان لا يجوز، فهل أقضي هذه الأيام مرة أخرى، أم ماذا؟ هل تسقط من على عاتقي؟

وهل أنا إذا صمتها بدون علم تُحسَب لي؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

فلا يصحُّ صيام العيدين؛ لحديث أبي سعيد الخُدْري:

أن النبيَّ ﷺ نهى عن صيام يومين: يوم الفطر، ويوم النحر. متفق عليه(1).

قال النووي : في «شرح صحيح مسلم»: «وقد أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين بكلِّ حالٍ؛

سواء صامهما عن نذرٍ أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك»(2).

ولا يجوز كذلك صيامُ أيام التشريق إلا لمن كان متمتعًا ولم يجد الهدي؛

فقد روى مسلم عن نبيشة الهذلي رضي اللَّه عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ»(3).

وروى أحمد: عن حمزة بن عمرو الأسلمي رضي اللَّه عنه، أنه رأى رجلًا على جمل يتبع رحال الناس بمِنًى،

ونبي الله ﷺ شاهدٌ، والرجل يقول: لا تصوموا هذه الأيام؛ فإنها أيامُ أكلٍ وشرب(4).

وروى أحمد وأبو داود: عن أبي مرة مولى أم هانئ: أنه دخل مع عبد الله بن عمرو على أبيه عمرو بن العاص،

فقرَّب إليهما طعامًا، فقال: كُلْ. قال: إني صائم. قال عمرو: كُلْ،فهذه الأيام التي كان رسول الله ﷺ يأمرنا بفطرها،

وينهى عن صيامها. قال مالك: وهي أيام التشريق(5).

وروى البخاري: عن عائشة وابن عمر رضي اللَّه عنه قالا: لم يُرخَّص في أيام التشريق أن يُصَمْن إلا لمن لم يجد الهدي(6).

وجمهور أهل العلم(7) على عدم جواز التطوع بالصوم فيها.

أما صومها للفرض؛ فقد قال ابن قدامة في «المغني»: «ففيه روايتان: إحداهما: لا يجوز؛ لأنه منهيٌّ عن صومها،

فأشبهت يومي العيد. والثانية: يصح صومها للفرض؛ لما روي عن ابن عمر وعائشة،

أنهما قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي. أي: المتمتع إذا عدم الهدي، وهو حديث صحيح،

رواه البخاري. ويقاس عليه كل مفروض»(8). انتهى.

وعدم علمك بالحكم يرفع عنك الإثم، ولكنه لا يصحح لك هذه العبادة الباطلة،

فهذه الأيام لا يحتسب لك صيامها إجماعًا في العيدين، واحتياطًا وخروجًا من الخلاف في أيام التشريق،

فواصل استكمال صيامك ولا تعتد بهذه الأيام.

ونسأل الله أن يُعينك على إكمال كفارتك، وأن يتقبَّلها منك.

والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________________

(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الصوم» باب «صوم يوم الفطر» حديث (1197)، ومسلم في كتاب «الصيام» باب «النهي عن صيام يوم الفطر ويوم الأضحى» حديث (827).

(2) «شرح النووي على صحيح مسلم» (8/15).

(3) أخرجه مسلم في كتاب «الصيام» باب «تحريم صوم أيام التشريق» حديث (1141).

(4) أخرجه أحمد في «مسنده» (3/494) حديث (16081)، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» (13311).

(5) أخرجه أحمد في «مسنده» (4/197) حديث (17803)، وأبو داود في كتاب «الصوم» باب «صيام أيام التشريق» حديث (2418)، وذكره الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (2418).

(6) أخرجه البخاري في كتاب «الصوم» باب «صيام أيام التشريق» حديث (1998).

(7) جاء في «المبسوط» من كتب الحنفية (3/81): «(قال): ولا يجوز شيء من الصوم الواجب أن يصومه في يوم الفطر، أو النحر أو أيام التشريق؛ لأن الصوم في هذه الأيام منهي عنه»

وجاء في «المحلى» من كتب المالكية (4/451-453): «مسألة: ولا يجوز صيام أيام التشريق، وهي ثلاثة أيام بعد يوم الأضحى، لا في قضاء رمضان، ولا في نذر، ولا في كفارة، ولا لمتمتع بالحج لا يقدر على الهدي».

وجاء في «المجموع» (6/483-486): «قال المصنف رحمه الله تعالى: (ولا يجوز أن يصوم أيامَ التشريق صومًا غير صوم التمتع ، فإن صام لم يصح صومه».

(8) «المغني» (3/169-170).

 

يمكنكم الإطلاع على المزيد من فتاوى الصيام الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي.

كما ويمكنكم متابعة كافة الدروس والمحاضرات والبرامج الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 الصيام

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend