هل الغسل من الجنابة من أركان الصوم؟ بمعنى أنه: هل يصح صومي إذا أُذِّن بالفجر وأنا جُنُب ولكني أنوي الصيام؟ وهل يجور تقبيل الزوجة أثناء الصيام، علمًا بأن ريقي وريقها سيختلطان ببعضهما؟
معذرةً على هذه الأسئلة المحرجة، ولكني حديث عهد بالزواج وأحتاج معرفة هذه الأمور.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فأسأل الله أن يبارك لكما، وأن يبارك عليكما، وأن يجمع بينكما في خير، وأن يرزقكما الذرية الصالحة التي تعبد الله وتُوحِّده.
والغسل من الجنابة يلزم الصائم إذا أصبح جنبًا حتى يبادر إلى إقامة صلاة الفجر، ولكن لا علاقة له بصحة الصوم، فصومه صحيح وإن أصبح جنبًا.
ولا حرج في التقبيل للصائم إن كان يأمن ألَّا يجرَّهُ التقبيل إلى ما يُفسد صومه من الإنزال أو الجماع؛ لحديث عائشة: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم، وكان أملكَكم لإربه. متفق عليه(1).
فمن كان يملك إربه ولا يخاف أن تجرَّه الـمُقدِّمات إلى ما يليها فلا حرج عليه في التقبيل، وإن كانت الأخرى فإنه يحتاط لصومه ويستبرئ لدينه(2)، ومن ثم كره بعضُ أهل العلم التقبيلَ للشاب وأجازوه للشيخ؛ لأن الغالبَ على الشَّيخ أنه يملك إربه والغالب على الشَّاب خلاف ذلك، والصَّواب أنه يدور مع هذه العلة وجودًا وعدمًا، فحيثما ملك المرءُ إربه جاز له التقبيل وإلا فلا.
أما إذا خشي أن تجرَّه القبلة إلي شيء من ذلك فلا تحلُّ حتى لا يُجازف بصومه ويعرضه للفساد.
وخير لك أن تتجنب التقبيل يا بني ما دمت حديث عهد بزواج؛ حتى لا تخاطر بصومك. ومن يتصبر يصبره الله(3)، وأمامك ليل طويل.
قال ابن قدامة في «المغني»: «وإذا ثبت هذا؛ فإن المُقبِّل إن كان ذا شهوة مُفرِطة بحيث يغلب على ظنِّه أنه إذا قبَّل أنزل لم تَحِلَّ له القُبلة؛ لأنها مُفسدة لصومه، فحرمت عليه كالأكل، وإن كان ذا شهوة لكنه لا يغلب على ظنه ذلك، كُره له التقبيل؛ لأنه يعرض صومه للفطر، ولا يأمن عليه الفساد»(4). والله تعالى أعلى وأعلم.
_____________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الصوم» باب «المباشرة للصائم» حديث (1927)، ومسلم في كتاب «الصيام» باب «بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة» حديث (1106) من حديث عائشة ل.
(2) متفق عليه.
(3) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الزكاة» باب «الاستعفاف عن المسألة» حديث (1469)، ومسلم في كتاب «الزكاة» باب «فضل التعفف والصبر» حديث (1053)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده فقال: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ الله، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ».
(4) «المغني» (3/127-128).