الصوم في النرويج، والنهار أكثر من 20 ساعة

سؤالي عن الصيام في شمال النرويج، كما تعلم أن النهار طويل في بعض الأيام، حوالي 23 ساعة و30 دقيقة، يعني فرق بين المغرب والصبح حوالي 30 دقيقة، ومعظم الوقت أكثر من 20 ساعة.
بعض العلماء أفتوا بالصوم مع مكة المكرمة، ولكن أنا جديد في النرويج، وأول صوم لي، أسكن في الشمال، بالتحديد في قرية (Bardufoss).
بارك الله فيك يا شيخنا، لو تكرمت رد علينا بدليل قاطع، وأجب علينا في أسرع وقت؛ لكي نتجهز بها إلى رمضان.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
ففي البلاد التي يتمايز فيها الليل والنهار بوضوح تبقى المواقيت الشرعية بحالها، مهما طال الليل أو النهار، فالصوم من طلوع الفجر إلى مغيب الشمس؛ لقوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187].
ومن لم يستطع أن يصوم بسبب المشقة البالغة، أو كان الصوم يؤدي إلى حدوث مرض أو زيادته أو تأخُّرِ شفاء، جاز له الترخص بالفطر ثم يقضي عدة من أيام أخر؛ لعموم قوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقوله: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
أما مواقيت الصلاة فإنها تبقى بحالها حسب المواقيت الشرعيَّة؛ لعموم قوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا﴾ [الإسراء: 78]، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103].
إلا أنه إذا تداخل وقتُ المغرب والعشاء فكان الشَّفَق يمتد إلى طلوع الفجر أو يغيب في زمن لا يتسع لصلاة العشاء قبل طلوع الفجر، فمثل هؤلاء في حكمِ مَن لا وقت للعشاء عندهم، فيقدِّرون وقته بأقرب البلاد إليهم ممن لهم وقت عشاء معتبر، وقيل: يعتبر بوقته في مكة؛ لأنها أم القرى.
وإذا كان الوقت قصيرًا جدًّا على النحو المذكور في السؤال، جاز الجمع بينهما؛ دفعًا للحرج؛ لما جاء في «صحيح مسلم»: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه : أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم  جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر، قالوا: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد ألَّا يُحرج أمته(1).
أما إذا لم يتميز الليل من النهار؛ فإن كلًّا من الصوم والصلاة يقدر إما بأقرب البلاد التي يتميز فيها الليل والنهار، أو بمكة المكرمة. والله تعالى أعلى وأعلم.

_______________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «صلاة المسافرين وقصرها» باب «الجمع بين الصلاتين في الحضر» حديث (705) من حديث ابن عباس رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 الصيام

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend