مضغ اللبان أثناء الصلاة

في واقع الأمر وفي خلال خطبة العيد يوم أمس كان هناك مِن بين المُصلِّين الحاضرين لخطبة العيد رجلٌ يبدو عليه الوقار والهيبة ويمضغ اللبان في خلال تكبيرات العيد، وبعد صلاة العيد تابَعَ مَضْغه للبان طيلة فترة الخطبة، وهذا إن دلَّ على شيء فانما يَدُلُّ على أنه صلى العيد واللبان لا يزال في فمه.

والسُّؤال: ما حكم الشَّرع فيمن يمضغ اللبان في أثناء خطبة العيد؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الأكل والشرب والمضغ من مُبطلات الصلاة، ولو كان شيئًا يسيرًا.
قال ابن المنذر: «أجمع كلُّ مَن نحفظ عنه من أهل العلم على أن من أكل أو شرب في صلاة الفرض عامدًا أن عليه الإعادة ولو أكل لقمةً»(1).
وقال الإمام النووي في «المجموع»: «قال أصحابنا: إذا أكل في صلاته أو شرب عمدًا بطلت صلاته، سواء قلَّ أو كثر، هكذا صرَّح به الأصحاب. والضابط على هذا أن ما أبطل الصَّوم أبطل الصلاة، ولا خلاف في بطلان الصَّوم بهذا. قال البغوي وغيره: والمضغ وحده يُبطل الصلاة، وإن لم يَصِل شيء إلى الجوف، حتى لو مضغ علكًا بطلت صلاته، فإن لم يمضغه بل وضعه في فِيهِ: فإن كان جديدًا يذوب فهو كالسكرة فتبطل صلاته على الصَّحيح، وإن كان مستعملًا لا يذوب لم تبطل، كما لو أمسك في فمه حصاةً أو إجَّاصةً فإنها لا تبطل قطعًا. هذا كلُّه في العامد، فلو أكل ناسيًا للصلاة أو جاهلًا بتحريمه: فإن كان قليلًا لم تبطل بلا خلاف، وإن كثر بطلت على أصح الوجهين. وتُعرف القِلَّة والكثرة بالعُرْف…
ثم قال النووي رحمه الله تعالى: «فرع: في مذهب العلماء في الأكل والشرب في الصلاة: قال ابن المنذر: أجمع العلماء على مَنْعه منهما، وأنه إن أكل أو شرب في صلاة الفرض عامدًا لزمه الإعادة، فإن كان ساهيًا: قال عطاء: لا تبطل. وبه أقول. وقال الأوزاعي وأصحاب الرأي: تبطل. قال: وأما التطوع فرُوي عن ابن الزُّبَير وسعيد بن جُبَير أنهما شَرِبَا في صلاة التطوع. وقال طاوس: لا بأس به. قال ابن المنذر: لا يجوز ذلك. ولعل مَن حُكي ذلك عنه فعله سهوًا». اهـ(2).
والخلاصة: أن المضغ الذي تَذْكر لا يجوز في الصلاة، فمن تعمَّده بطلت به صلاته، ولا تبطل باليسير منه سهوًا، وقد توسَّع بعض أهل العلم في النافلة. والصواب ما عليه الجمهور(3) من بطلان الصلاة فرضًا أو نفلًا بمن تعمَّد شيئًا من ذلك.
ولكن ما ذكرت لا يدلُّ دلالة قاطعة على أنه كان يمضغ في الصلاة، فلعله أفرغ فمه قبيل الصلاة. والنُّصح في مثل ذلك واجب، مع مراعاة الرِّفق وإنزال ذوي الهيئات منازلهم. والله تعالى أعلى وأعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر «المغني» لابن قدامة (1/399).
(2) «المجموع» (4/101).
(3) جاء في «المجموع» من كتب الشافعية (4/16-23): «قال البغوي وغيره والمضغ وحده يبطل الصلاة وإن لم يصل شيء إلى الجوف حتى لو مضغ علكا بطلت صلاته………. هذا كله في العامد فلو أكل ناسيا للصلاة أو جاهلا بتحريمه – فإن كان قليلا – لم تبطل بلا خلاف وإن كثر بطلت على أصح الوجهين».
وجاء في «أسنى المطالب» من كتب الشافعية (1/185): «(والمضغ وحده) في الصلاة (فعل يبطلها كثيره)».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend