متابعة الإمام على الخطأ بعد تنبيهه

بارَكَ اللهُ فيك يا دكتور صلاح، كنَّا نصلي الظُّهر مع الإمام، وصلَّى ركعتين وسلَّم، ونحن نقول: سبحان الله. ولم يستجب، فهل نقوم ونكمل الصَّلاة فرادَى أم نسلِّمُ معه ونخبره ونصلى الباقي جماعة معه، مع العلم أن مجموعةً فعلت هكذا ومجموعة أكملت الصَّلاة فرادى؟ فما حكم صلاة الجميع؟ وما هو التَّصرُّفُ الأمثل؟ وجزاكم الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإنه يشرع إذا أخطأ الإمام أن يسبِّح الرجال أو يصفق النِّساء لتنبيهه(1)، فإن استجاب الإمام وأصلح من خطئه فقد قضي الأمر، وإن أصر على خطئه فلا يتابَعُ على الخطأ، ولا حرج في أن يقال له: لقد سلمت من ركعتين. لأنَّ الكلام حينئذ لإصلاح الصَّلاة فلا حرَجَ فيه، وهذا هو الأمثل وهو الذي فعَلَه الصَّحابة مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم .
ففي «صحيح مسلم»: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  إحدى صلاتَيِ العشي إما الظهر وإما العصر فسلَّم في ركعتين ثم أتى جذعًا في قبلة المسجد فاستند إليها مغضَبًا، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابَا أن يتكلَّما، وخرج سَرَعَانُ النَّاس، فقام ذو اليدين فقال: يا رسول الله، أقَصُرت الصَّلاة أم نَسِيت؟ فنظر النبيُّ صلى الله عليه وسلم  يمينًا وشمالًا فقال: «مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟». قالوا: صدق، لم تُصَلِّ إلا ركعتَيْن، فصلَّى ركعتَيْن وسلم ثم كبَّر ثم سجَدَ ثم كبر فرفع ثم كبر وسجد ثم كبر ورفع. قال: وأخبرت عن عمران بن حُصَيْن أنه قال: وسلَّم(2).
وفي رواية: صلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم  قال إبراهيم: زادَ أو نقَصَ. فلما سلَّم قيل له: يا رسولَ الله أحدَثَ في الصَّلاة شيءٌ قال: «وَمَا ذَاكَ؟». قالوا: صلَّيْت كذا وكذا. قال: فثَنَى رجلَيْه، واستقبَلَ القبلة فسَجَد سجدتَيْن ثم سلَّم، ثم أقبَلَ علينا بوجهه فقال: «إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَسْجُدَ سَجْدَتَيْن».
ومن لم يفعل ذلك وأكمل لنفسه بعد انصراف الإمام فلا حرج عليه لعدم علمه بالحكم الشَّرعي. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــ
(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الجمعة» باب «رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به» حديث (1218)، ومسلم في كتاب «الصلاة» باب «تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام ولم يخافوا مفسدة بالتقديم» حديث (421)، من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ أَخَذْتُمْ بِالتَّصْفِيحِ إِنَّمَا التَّصْفِيحُ لِلنِّسَاءِ».
(2) أخرجه مسلم في كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» باب «السهو في الصلاة والسجود له» حديث (573)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend