قضاء الصلاة لمن تركها عمدًا مع التوبة

سافرت في شبابي منذ خمس وعشرين سنة إلى ألمانيا الشَّرْقية، وكانت دولة شيوعية ليس بها مساجد، ولم أُصادف مسلمين متدينين، ولا أدري رغم نشأتي الدينية كيف قضيت خمسة وأربعين يومًا من دون صلاة حيث لا مسجد ولا معرفة باتجاه القبلة والظَّن بأنني على سفر وأيضًا طيش شاب مراهق.
ثم جاء الشهر الكريم في الأسبوع الأخير من الرحلة فلم أَصُم بحجة أنني مسافر وأن النهار هناك طويل (حوالي 20 ساعة).
وعندما عُدْتُ أكملت صيام شهر رمضان ثم قضيت الأسبوع الذي أفطرته هناك، وعندما سافرت بعد ذلك لدول أخرى غربية وشرقية وجدت المساجد والجاليات المسلمة وسهولة تأدية الفرائض، وشعرت بالإثم وبتقصيري الشديد في هذه الرحلة الأولى. فهل تجب عليَّ كفارة؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فالحمدُ لله الذي أخرجك من القرية الظالم أهلها وردَّك إليه ردًّا جميلًا، والأحوط أن تقضيَ ما فاتك من صلاة، فإنه أبرؤ لذمَّتك وأرضى لربِّك جل وعلا، لكون ذلك قياسًا أولويًّا على مَن نام عن صلاة أو نسيها، فقد قال ﷺ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا»(1).
فإذا كان القضاء يجب على هؤلاء فوجوبه على مَن تركها متعمِّدًا من بابٍ أولى، ودَين الله أحق أن يُقضى(2). واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

_______________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» باب «قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها» حديث (684) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه .

(2) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الصوم» باب «من مات وعليه صوم» حديث (1953)، ومسلم في كتاب «الصيام» باب «قضاء الصيام عن الميت» حديث (1148)، من حديث ابن عباس ب: أن امرأة أتت رسول الله ﷺ فقالت: إن أمي ماتت وعليها صوم شهر. فقال: «أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتِ تَقْضِينَهُ؟» قالت: نعم. قال: «فَدَيْنُ الله أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend