السؤال الأول: أنا طالب في الولايات المتحدة الأمريكية. ودوامي في الجامعة من الساعة الثامنة صباحًا وحتى الرابعة عصرًا. يدخل وقت صلاة الظهر وأنا في محاضرتي، ولا يوجد وقت للصلاة. ما حكم في ذلك؟ على الرغم من أنني إذا عدت للبيت أجمع الظهر مع العصر وأصليها أربعًا أربعًا. أما المغرب والعشاء: فكل واحدة في وقتها وأصليها كاملة!
السؤال الثاني: صليت الجمعة في مسجد في مدينتي. ووقت الإقامة قال المؤذن: الله أكبر- أربع مرات. أشهد أن لا إله إلا الله- مرتين. أشهد أن محمدًا رسول الله- مرتين. حي على الصلاة وعلى الفلاح مرتين لكل واحدة منها. ثم قال: قد قامت الصلاة. مرتين. انتظرته لبعد الصلاة وقلت له: إن هذا غير صحيح. قال: بل صحيح على المذهب الحنفي(1)! وقال: هات ما يُثبت أن رسول الله كان يقيم الصلاة على الطريقة التي تقول باللغة الإنجليزية وبالدلائل! وأنا هنا أنشدكم ذلك حتى أستطيع أن أسلمها إياه. ولكم الأجر إن شاء الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جاء في «المبسوط للسرخسي» من كتب الحنفية (1/129-130): «(وَالإِقَامَةُ مَثنَى مَثنَى كَالأَذَانِ عِندَنَا)».
وجاء في «بدائع الصنائع» للكاساني من كتب الحنفية (1/147-149): «(وأما الإقامة فمثنى مثنى عند عامة العلماء كالأذان)».
وجاء في «الاختيار لتعليل المختار» من كتب الحنفية (1/42-44): «بعد ما ذكر الأذان قال: وَالإِقَامَةُ مِثلُهُ. أي الأذان».
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد جعل الله الصلاة على المؤمنين كتابًا موقوتًا وخير الأعمال الصلاة لوقتها، فاحرص على ذلك ما استطعت، ولن تعدِمَ أن تجدَ فرجة من الوقت تؤدي فيها الظهر في حينه بإذن الله، ومن يتق الله يجعل له مخرجًا.
أما بالنسبة للأذان؛ فاعلم أن الكيفيات التي ورد بها الأذان متنوعة، أيها فعل المؤذن أجزأه ذلك إن شاء الله، لدخولها تحت اختلاف التنوع كما قال غير واحد من أهل العلم، وعلى رأسهم العلامة ابن عبد البر وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله تعالى.
فقد قال الأول: «ذهب أحمد(2) وإسحاقُ وداود وابن جرير إلى أن ذلك من الاختلاف المباح؛ فإن ربَّع التكبير الأول في الأذان أو ثنَّاه، أو رجَّع في التشهد أو لم يرجِّع أو ثنى الإقامة أو أفردها كلها أو إلا «قد قامت الصلاة» فالجميع جائزٌ». اهـ(3).
وقال شيخ الإسلام: «وإذا كان كذلك فالصواب مذهب أهل الحديث ومن وافقهم، وهو تسويغ كل ما ثبت في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يكرهون شيئًا من ذلك، إذ تنوع صفة الأذان والإقامة، كتنوع صفة القراءات والتشهدات ونحو ذلك، وليس لأحد أن يُكره ما سنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمَّته»اهـ(4). فلا تضيق واسعًا، وأسأل الله لك التوفيق. والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) جاء في «المبدع» من كتب الحنابلة (1/278-280): «والأذان خمس عشرة كلمة لا ترجيع فيه والإقامة إحدى عشرة كلمة فإن رجَّع في الأذان أو ثنى الإقامة فلا بأس».
وجاء في «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» لابن رشد من كتب المالكية (1/112-114): «رأى أحمد بن حنبل وداود أن هذه الصفات المختلفة إنما وردت على التخيير لا على إيجاب واحدة منها، وأن الإنسان مخيَّر فيها».
(2) «فتح الباري» (2/84).
(3) «المجموع» (22/66).