صلاة المسبل

هل ارتداء الملابس الطويلة أسفل الكعب يُبطل الصَّلاةَ أو يُقلِّل من قبولها؟

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن «مَا أَسْفَلُ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ»، فلا ينبغي أن تنزل الثِّياب عن ذلك، وما كان من ذلك على سبيل الخُيَلاء فهو مُحرَّم بالإجماع، وما لم يكن على سبيل الخُيَلاء فأدنى أحواله الكراهة، فالإسبال مذمومٌ على كلِّ حالٍ، سواء كان في الصَّلاة أو كان خارجها؛ لحديث أبي ذَرٍّ رضي الله عنه : أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم  قال: «ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ». قال: فقرأها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم  ثلاث مرارٍ. قال أبو ذَر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: «الْـمُسْبِلُ إِزَارَهُ، وَالْـمَنَّانُ، وَالْـمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الكَاذِبِ»(1).
وفي البُخاريِّ عن أبي هريرة رضي الله عنه  قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «مَا أَسْفَلُ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الْإِزَارِ فِي النَّارِ»(2).
أما صلاة الـمُسبل ثوبَه فهي مجزئةٌ عند جماهير العلماء مع الكراهة(3)، ونصُّوا على أن الكراهةَ ‏هي كراهةُ تحريمٍ إذا كان ذلك للخُيَلاء، أما ما جاء في «سنن أبي داود» عن أبي هريرة ‏رضي الله تعالى عنه من أنه قال: بينما رجلٌ يُصلِّي مُسبلًا إزارَه إذ قال له رسولُ الله ‏ صلى الله عليه وسلم : «اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ». فذهب فتوضَّأ ثم جاء، ثم قال: «اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ». فذهب ‏فتوضَّأ ثم جاء، فقال له رجلٌ: يا رسول الله، ما لك أمرته أن يتوضَّأ ثم سكتَّ عنه؟ فقال: «‏إِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ مُسْبِلٌ إِزَارَهُ، وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ صَلَاةَ رَجُلٍ مُسْبِلٍ إِزَارَهُ»(4)‏ فقد أجابوا عنه بأن الحديثَ ضعيفٌ، كما نصَّ على ذلك أئمةُ الحديث؛ ولذلك لم يحتجَّ به ابن حزم لما ‏ذهب إليه من أن صلاة المسبل غير مُجزئةٍ(5)، وإنما استدلَّ ببعض الآثار. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

ـــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف وبيان الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم» حديث (106).
(2) أخرجه البخاري في كتاب «اللباس» باب «ما أسفل الكعبين فهو في النار» حديث (5787) من حديث أبي هريرة t.
(3) جاء في «المجموع» من كتب الشافعية (3/181-184): «السدل في الصلاة وفي غيرها سواء، فإن سدل للخيلاء فهو حرام، وإن كان لغير الخيلاء فمكروه وليس بحرام… وقال ابن المنذر ممن كره السدل في الصلاة ابن مسعود ومجاهد وعطاء والنخعي والثوري».
(4) أخرجه أبو داود في كتاب «الصلاة» باب «الإسبال في الصلاة» حديث (638) من حديث أبي هريرة t، وذكره النووي في «خلاصة الأحكام» (1/331) وقال: «رواه أبو داود على شرط مسلم»، وفي «المجموع» (3/180) وقال: «رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم»، وذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (3/514) وقال: «رواه بو داود بإسناده صحيح».
(5) جاء في «المحلى» من كتب الظاهرية (2/391-393): «روينا عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود أنه قال: المسبل إزاره في الصلاة ليس من الله في حل ولا في حرام. وعن ابن عباس: لا ينظر الله إلى مسبل وعن مجاهد: كان يقال: من مس إزاره كعبه لم يقبل الله له صلاة».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend