صلاة الجمعة قبل الزوال

الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، أما بعد: ما هي حدود الموضوع الذي يجوز الخطاب فيه يوم الجمعة؟ كيف أفتتح؟ كيف أصلي على النَّبيِّ بالصَّلاة الإبراهيميَّة؟ هل يجوز لنا إذا كنا طلابًا أن نخطب قبل الظُّهر كما قال الحنابلة والوقت ضيِّقٌ وعلينا أن نأكل، وهناك من يُريد أن يخرج من البيت ليذهب كي يتغدَّى في بيته. نخطب أثناء عطلة الغداء في بيت أحدنا. وصلَّى اللهُ وسلَّم على سيِّدنا محمد.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فقد اتَّفَق الفُقَهاء من المذاهب الأربعة على أن الخطبة شرط لصِحَّة الصَّلاة يوم الجمعة، فهي من ذكر الله الذي أمر الله تعالى بالسَّعْي إليه في قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الجمعة: 9].
كما اتَّفَق الفُقَهاء أيضًا على شَرْطَيْن من شروط خطبة الجُمُعَة:
1- أن تقع بعد دخول وقت صلاة الجُمُعَة.
2- أن تقع قبل الصَّلاة وليس بعدها، ولا يطول الفصل بينهما، بل يجب الموالاة بين الخطبة والصَّلاة؛ يقول ابن قدامة :: «يُشترط الموالاة بين الخطبة والصَّلاة». انتهى.
واختلفوا فيما عدا ذلك من الشُّروط، كاشتراط أن تكون بالعربيَّة، والصَّواب عدم اشتراط ذلك.
أما بالنِّسبة لأركان الخطبة فإن الصَّحيح من أقوال أهل العِلْم أن ركن الخُطْبة الوحيد هو أقل ما يصدق عليه اسم الخُطْبة عرفًا، وهو مذهب ابن حزم.
واشتراط الفُقَهاء الأركان الأربعة في كلٍّ من الخطبتين فيه نظرٌ، وإذا أُتي في كلِّ خُطْبةٍ بما يحصل به المقصود من الخُطْبة الواعظة الملينة للقلوب فقد أُتي بالخُطْبة، ولكن لا شكَّ أن حَمْد الله، والصَّلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقراءة شيءٍ من القرآن من مكملات الخُطْبة، وهو زينة لها.
ويُستحب أن يبدأ الخُطْبة بخطبة الحاجة التي ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصيغتها:
«إن الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يَهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1].
ا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ﴿70﴾ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب: 70- 71].
وقد تمهَّد أن هذه الخُطْبة تفتح بها جميع الخطب، سواء كانت خُطْبة نكاح أو خُطْبة جمعة أو غيرها فليست خاصَّة بالنِّكاح.
والأصل أن وقت صلاة الجُمُعَة عند جمهور الفُقَهاء هو وقت الظُّهر، أي أن يبدأ من بعد الزَّوال، ويستمرُّ وقتها إلى دخول وقت العصر، ويُشترط عندهم دخول وقت الظُّهر قبل ابتداء الخُطْبة، فلو ابتدأ الخطيب الخُطْبة قبله لم تَصِحَّ الجُمُعَة، وإن وقعت الصَّلاة داخل الوقت.
هذا، ويجوز تقديمها على الزَّوَال عند الحاجة إلى ذلك، وهو فقه الحنابلة في هذه المسألة، فهم يرون أنَّ أوَّل وقت صلاة الجُمُعَة هو أوَّل وقت صلاة العيد، وهو ارتفاع الشَّمس قدر رمح بحسب رؤية العَيْن المُجرَّدة، لكن فعلها بعد الزَّوَال أفضل.
زادك اللهُ حِرْصًا وتَوْفيقًا والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend