حكم من شك في صلاته

إذا شكَّ الإنسان في الصَّلاة: ما هو الأفضل أن يفعل: هل يبني على الأقلِّ دائمًا وأبدًا؟ أم هناك في بعض الأحيان يجب أن نبني على غالب الظَّن؟ ما هو القول الرَّاجح في الأمرين؟ نرجو منكم أن يصاحب الجواب ولو دليل واحد، وبارك اللهُ فيكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن مذهب جمهور أهل العِلْم(1) فيمن شكَّ في صلاته أنه يبني على الأقلِّ ويسجد قبل السَّلام، لحديثِ أبي سعيدٍ قال: قال رسول الله عز وجل : «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى تَمَامَ الْأَرْبَعِ كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ»(2).
ومذهبُ أبي حنيفة(3) وهو رواية عن أحمد(4) اختارها شيخُ الإسلام ابن تيميَّة، أنه إن كان عنده ظنٌّ غالب عَملَ به ثم سجد بعد السَّلام، واستدلُّوا بحديثِ ابن مسعود رضي الله عنه  قال: صلى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم – قال إبراهيم: لا أدري زاد أو نقص- فلما سلَّم قيل له: يا رسول الله، أحدث في الصَّلاة شيء؟ قال: «وَمَا ذَاكَ؟». قالوا: صلَّيتَ كذا وكذا. فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلَّم، فلما أقبل علينا بوجهه قال: «إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ ثُمَّ يَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ»(5).
والذي يظهر لنا واللهُ تعالى أعلى وأعلم أنه إذا كان لديه ظنٌّ غالب عمل به؛ لأن الفقه كله مبني على العمل بالرَّاجح، أما إذا استوى الطرفان فإنه يبني على الأقلِّ جمعًا بين الأدلة. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
الحمد قبل الدعاء في السجود
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) جاء في «مواهب الجليل» من كتب المالكية (2/22-23): «قال سند: إن كان هذا في محل شرع فيه اللبث كالقيام والجلوس والسجود وشبهه فاتفق أصحابنا أنه لا سجود عليه وإن كان في غير هذه المواطن فاختلف ابن القاسم وأشهب ثم قال: فلو تفكر فلم يتيقن فهذا يبني على الأقل».
وجاء في «شرح مختصر خليل للخرشي» من كتب المالكية (1/311-312): «الشخص المصلي إذا شك هل صلى ثلاثا أم أربعا ولم يكن موسوسا فإنه يبني على الأقل المحقق ويأتي بما شك فيه ويسجد بعد السلام لاحتمال زيادة المأتي به».
(2) أخرجه مسلم في كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» باب «السهو في الصلاة والسجود له» حديث (571).
(3) جاء في «نيل الأوطار» من كتب الزيدية (3/136-142): «والذي حكاه النووي في شرح مسلم عن أبي حنيفة وموافقيه من أهل الكوفة من أهل الرأي أن من شك في صلاته في عدد ركعاته تحرى وبنى على غالب ظنه».
(4) جاء في «المبدع» من كتب الحنابلة (1/469-471): «ظاهر المذهب أن المنفرد يبني على اليقين، والإمام على غالب ظنه».
(5) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الصلاة» باب «التوجه نحو القبلة حيث كان» حديث (401)، ومسلم في كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» باب «السهو في الصلاة والسجود له» حديث (572).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend