تبدأ مشكلتي في أني أخ وحيد (16 عاما) لثلاث بنات، منهن واحدة صغيرة، تقوم أختاي بوضع الميكياج ولكنه ليس بكمية كبيرة كما هو الحال في عصرنا، ولكني قلت لهما عدة مرات: إن ذلك حرام وإن قلَّ، فسرقة جنيه مثل سرقة مليون جنيه، فهي سرقة على كل حال. ولكن دون جدوى، وسألت أبي أن يكفَّهما عن ذلك، ففعل حتى قلَّلتاه، ولكنه موجود ويمكن للناظر رؤيته، فقال لي أبي: إنه لا ضرر في ذلك لأنه قليل. ولكني لم أوافق.
وذات يوم ذهبت أختي إلى العمل والأخرى إلى الجامعة بصحبة أبي والصغيرة إلى المدرسة، وبقيت أنا وأمي في المنزل، ولكنها كانت تجلس بعيدًا، فذهبت إلى حجرة نوم أخواتي وبحثت عن كل ما يخص تلك المساحيق وحتى الخاصة بأمي (لكنها تضعها بسبب وجود سواد تحت العينين وهو كريم مع القليل من الباقي ولا يظهر للناظر أنه يوجد شيء إلا إذا دقَّق النظر) وقمت برميها، وقد خرجت في قضاء حاجة قبل رجوع الجميع، وعند عودتي قامت معركة كبرى بسبب ما فعلت، وعاتبني الجميع على ما فعلت، عدا أمي التي وافقت على فعلتي ووقفت بجانبي، ولكنها فيما بعد قالت: إنه لا يصح أن أفتش في أغراض أخواتي البنات. ولكنها كانت مقتنعة وغير غاضبة، وقالوا لي: هل من التدين أن أفعل ذلك؟ حيث إني والحمد لله رب العالمين متدين والجميع يشهد بذلك.
فماذا أفعل وقد قامتا بشراء غيرها من مالهما الخاص؟ وقد مللتُ ذلك، وأنا الآن أفكر في تكرار رميهم مرة أخرى. وهل عليَّ إثم من وضعهما تلك المساحيق؟ ويسافر أبي يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع، فهل عليَّ إثم في تلك الأيام فقط؟ حيث إني أخاف من غضب الله علي والعياذ بالله، وإني أحس أن أصدقائي عندما أدخل معهم في مناقشة دينية ويكون أحدهم هو الخاطئ أن لسان حاله يقول لي: انظر إلى أختك، فإنها تضع المكياج. ولكن لم يقلها أحد حتى الآن، ولكن عاتبني صديق بسبب قيام أختي بخلع الحجاب في حفل خطوبتها، وموضوع الخطبة انتهى أمره عند الأسرة واعترفت أمي بخطأ الموافقة على ذلك، وللعلم تشاجرت معهم بسبب ذلك قبل إقامة الحفل، ولكن أمي الآن تنوي بإذن الله على عدم الموافقة إذا أرادت أن تخلع أختي الحجاب في الفرح بإذن الله تعالى إذا تم، واذا فعلتْ، فإني نويت أن أقسم ألا أحضر الفرح إذا تم ذلك، وللعلم أمي وأختاي الكبيرتان متحجبات، والأسرة كلها متدينة وتراعي الله تعالى في كل شيء إلا ذلك الأمر الغريب. أفيدني ليرتاح قلبي.
وسؤال آخر: عندما أكون في درس الإنجليزي يؤذن المغرب، فأطلب من المدرس أن أذهب للصلاة في الجامع القريب من السنتر، ويأتي معي أصدقائي، ولكنه في المرة الأخيرة رفض وقال لي: بعد أن نقوم بتصحيح هذا السؤال فأنت لا تعرف ماذا تركت، وهل يوجد شيء آخر أهم من الصلاة ؟! وللعلم حتى لا أظلمه كان يوافق من أول السنة على أن أذهب للصلاة، ولكن تم ذلك في المرة الأخيرة وقبل الأخيرة، ولكن في المرة قبل الأخيرة تم هذا بسبب خجلي من أن أقول له ذلك؛ لأن ابنه كان يقوم بعملية في نفس الوقت ويريد هو أن يُنجِز بسرعة، ولكني وقبل أن يؤذن للعشاء بحوالي 15 دقيقة تمردت على نفسي وقلت له: إني أريد الصلاة الآن. ولم أخجل، والحمد لله ذهبت، ولكن صديقي قال لي: إنه بعد ذهابي قال لهم: وهو احنا ولاد كلب! فماذا أفعل إن جعلني أؤخر الصلاة مرة أخرى؟ وللعلم نحن لا نراه يصلي، ولكنه من الممكن أن يكون يصلي في باقي الأوقات، أو يصلي المغرب والعشاء معًا في منزله.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فجزاك الله خيرًا يا بُني على حرصك وغيرتك، وأود أن أذكِّرك أن من اتَّقى الله وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر؛ فإنه لا يضرُّه ضلال من ضلَّ أو انحراف من انحرف(1)، وقد أدَّيت مهمتك تُجاه أخواتك بالنصح والوعظ، ولا يلزمك أن تفتِّش في خصوصياتهن لتستخرج ما فيها من أدوات المكياج لإلقائها، فقد كان يكفي الاستمرار في النصح والتلطُّف فيه إلى أن يفتح الله مغاليق قلوب أخواتك لذلك.
أما بالنسبة لمدرس الإنجليزي فاستأذن منه برفق للذهاب إلى الصلاة ولا تخرج عن مقتضى الأدب والتوقير في التعامل معه، بل اطلب منه ما تريد برفق، لا سيما مع ما تذكر من أنه لم يكن يمانع في ذلك، وأن معارضته في المرة قبل الأخيرة كانت لطارئ يتعلق بولده.
واعلم يا بني أنه ما دخل الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزِع من شيء إلا شانه، ولا نريد للمتديِّن أن يُبغِّض الدين بسلوكه وحدَّته لغير المتديِّنين. وأسأل الله لك التوفيق والسداد والرشاد، والله تعالى أعلى وأعلم.

____________________

(1) ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [المائدة: 105].