تعليق الصور في المسجد

منذ شهور كثيرة قرَّر مسجدنا بولاية كاليفورنيا أن يُعلِّق صُورَ ناسٍ في داخل الـمُصلَّى، في هذه الصُّور يبتسم النِّساء والرجال ووجوههم واضحة.
أيمكنكم أن تُفتوني في حكم تعليق هذه الصُّور كي أريها لمسجدي ويهديهم الله على أيديكم. وجزاكم اللهُ خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن تعليقَ الصُّور في المساجد ليس من هَدْي الـمُسلِمين ولا من سنن دينهم، بل ذلك من سنن أهل الكتاب، فعن عائشة أم المؤمنين: أن أمَّ حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسةً رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم  فقال: «إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْـخَلْقِ عِنْدَ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ»(1).
وقد روي عن عائشة ل قالت: قدم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم  من سفر وقد سترت بقرام(2) لي على سهوة لي فيها تماثيل، فلما رآه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم  هتكه، وقال: «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ الله». قالت: فجعلناه وسادة أو وسادتين(3).
وقد حذَّر النَّبي صلى الله عليه وسلم  من اتِّباع سننهم والتَّشبُّه بهم، فقال فيما رواه الشَّيخان عن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه : «لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ». قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: «فَمَنْ؟!»(4).
ولستُ أشكُّ في أن النِّيَّة الطَّيِّبة للقائمين على مسجدك كانت وراء تعليق هذه الصُّور، ولعلها كانت لأغراضٍ دعويَّة بحتة، ولكن ما عند الله لا يُنال بمخالفة نبيِّه.
ورجاؤنا أن يُبادروا إلى إزالة هذه الصُّور من المسجد، ولهم الأجر والمثوبة من الله عز وجل .
وفَّق اللهُ الجميعَ إلى ما يُحِبُّه ويرضاه، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

ـــــــــــــــــــــ

(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الصلاة» باب «هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد؟» حديث (427)، ومسلم في كتاب «المساجد ومواضع الصلاة» باب «النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد» حديث (528).
(2) القرام: هو الستر الرقيق.
(3) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «اللباس» باب «ما وطئ من التصاوير» حديث (5954)، ومسلم في كتاب «اللباس والزينة» باب «تحريم تصوير صورة الحيوان» حديث (2107).
(4) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «أحاديث الأنبياء» باب «ما ذكر عن بني إسرائيل» حديث (3456)، ومسلم في كتاب «العلم» باب «اتباع سنن اليهود والنصارى» حديث (2669) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend