ترك الصلاة في وقتها بسبب أدوية الاكتئاب المنومة

جزاك الله خيرًا على اهتمامك بتفقيه المسلمين في دينهم، وأنت ممن يثق المرء في عقله ودينه. وبعد:
فأنا مبتلى بمرض الاكتئاب النفسي منذ حوالي 10 سنوات، وأتناول مضادات الاكتئاب، وكما تعلمون فإنها تؤدي إلى اضطرابات في النوم.
فأحيانًا تصل ساعات نومي إلى 12 ساعة، وأحيانًا كثيرة تمرُّ عليَّ أوقات لا أصلي فيها ثلاثَ فرائض متتالية، وحين أقوم أصليها مجتمعةً.
كما تفوتني في بعض الأيام صلاةُ الجمعة؛ بسبب النوم الثقيل، وهذا مما يُسبِّب لي ألمًا نفسيًّا وضيقًا.
مع العلم بأني حين أترك العقاقير يتحسَّن نومي، ولكن تتدهور نفسيتي خلال أسابيع.
المشكلة التي تُؤرِّقني، والتي نبَّهني لها أحد أصدقائي، أني حين يكون هناك شيء على درجة عالية من الأهمية أو الخطورة أجدني أستيقظ. فهل يعني ذلك أنني متهاون في الصلاة؟ وهل سيُحاسبني الله والحال كذلك على ذلك التقصير؟ وهل أنا بذلك أدخل في الساهين عن الصلاة أو المتكاسلين عنها؟
مع العلم بأنني ملتزم حال الاستيقاظ بالصلاة.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن أولَ ما نُوصيك به أن تستحضر دائمًا منزلة الصلاة من الدِّين، وأن أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة هو الصلاة(1).
فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلَاةُ». قال: «يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِـمَلَائِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ: انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أم نَقَصَهَا، فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ قَالَ: أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثُمَّ تُؤْخَذُ الْأَعْمَالُ عَلَى ذَلِكَ». رواه أبو داود، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود»(2).
استحضر هذا المعنى، وأنه لا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة(3)، وأن أفضلَ الأعمال الصلاةُ لوقتها(4)، فإنك إذا استشعرت أهميةَ الصلاة على هذا النحو فلن يُقعدك عنها إلا عارضٌ قويٌّ لا تستطيع له دفعًا، وعندئذٍ تكون معذورًا عند الله {#emotions_dlg.azz}.
وراجع طبيبك في هذه المسألة، لعله يُغيِّر لك الدواء، أو يُخفِّف لك جرعته.
وأسأل الله أن يمسح عليك بيمينه الشافية، وأن يجمع لك بين الأجر والعافية. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) فقد أخرج الطبراني في «الأوسط» (4/127) حديث (3782) من حديث أنس ، قال: قال رسول الله ﷺ: «أَوَّلُ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُنْظَرُ فِي صَلَاتِهِ، فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ»، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/292) وقال: «رواه الطبراني في الأوسط وفه خليد بن دعلج ضعفه أحمد والنسائي والدارقطني وقال ابن عدي: عامة حديثه تابعه عليه غيره»، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1358).

(2) أخرجه أبو داود في كتاب «الصلاة» باب «قول النبي ﷺ: كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه» حديث (864)، وذكره الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (864).

(3) أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (1/536) حديث (2038) من قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

(4) ففي الحديث المتفق عليه: الذي أخرجه البخاري في كتاب «مواقيت الصلاة» باب «فضل الصلاة لوقتها» حديث (527)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال» حديث (85) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أن رجلًا سأل النبي ﷺ أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend