القول ببِدعية التكبير ليلة عيد الفطر

كبَّرْنا الليلة بعد إعلان انتهاء رمضان، فاعترض علينا معترضون، وقالوا: إن هذا التكبير بدعةٌ، فمتى يبدأ التكبير في عيد الفطر؟ وهل التكبير ليلة الفطر من البدع؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد شرع الله لعباده أن يُكبروه في ختام شهر رمضان، فقال تعالى: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: 185].
تكبروا الله؛ أي: تعظِّمُوه بقلوبكم وأَلسِنَتكم، ويكون ذلك بلفظ التكبير.
وهذا التكبير سُنة عند جمهور أهل العلم(1)، وهو سُنَّة للرجال والنساء، في المساجد والبيوت والأسواق، ويجهر به الرجال وتُسِرُّ به النساء.
وصيغته أن تقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد. أو تكبر ثلاثًا، فتقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد .والأمر في ذلك واسع.
وابتداؤه من رؤية هلال شوال، أي بغروب شمس آخر يوم من رمضان، وينتهي التكبير في الفِطر بخروج الإمام إلى الصلاة. قال ابن عباس: «حقٌّ على المسلمين إذا رأوا هلال شوال أن يكبروا»(2).
وقال الشافعي في «الأم»: «قالَ اللهُ تبارك وتعالى فِي شَهْرِ رَمَضَانَ: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: 185]. فَسَمِعْت مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ يَقُولَ: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ﴾ عِدَّةَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَتُكَبِّرُوا الله عِنْدَ إكْمَالِهِ عَلَى مَا هَدَاكُمْ, وَإِكْمَالُهُ مَغِيبُ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ شَهْرِ رَمَضَانَ»(3).
فليس فيما ذكرتَ بدعة، وهَبْ أنه قد خالف في ذلك بعضُ أهل العلم، فلا يقال للمخالف في المسائل الاجتهادية: مبتدعٌ. بهذه الجُرأة. والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) جاء في «بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع» (1/ 279) من كتب الحنفية: «وأما في عيد الفطر فلا يجهر بالتكبير عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد يجهر، وذكر الطحاوي أنه يجهر في العيدين جميعا، واحتجوا بقوله تعالى {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم} [البقرة: 185] وليس بعد إكمال العدة إلا هذا التكبير».
وجاء في «التاج والإكليل لمختصر خليل» (2/ 577) « (وتكبير فيه حينئذ) من المدونة قال مالك: ويكبر في الطريق في العيدين إذا خرج عند طلوع الشمس تكبيرا يسمع نفسه ومن يليه وفي المصلى حتى يخرج الإمام للصلاة قطع (لا قبله) قال مالك في المجموعة من غدا إليها قبل طلوع الشمس فلا بأس ولكن لا يكبر حتى تطلع الشمس (وصحح خلافه وجهر به) قال مالك: يأتي الإمام إلى العيدين ماشيا مظهرا للتكبير».
وجاء في «مغني المحتاج»(1/ 593) من كتب الشافعية (يندب التكبير) لحاضر ومسافر وذكر وغيره، ويدخل وقته (بغروب الشمس ليلتي العيد) أي الفطر والأضحى،، دليل الأول قوله تعالى: {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم} [البقرة: 185] [البقرة].
وجاء في «المغني لابن قدامة» (2/ 273) من كتب الحنابلة «(ويظهرون التكبير في ليالي العيدين، وهو في الفطر آكد، لقول الله تعالى: ﴿ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون﴾ [البقرة: 185] وجملته أنه يستحب للناس إظهار التكبير في ليلتي العيدين في مساجدهم ومنازلهم وطرقهم، مسافرين كانوا أو مقيمين، لظاهر الآية المذكورة. قال بعض أهل العلم في تفسيرها: لتكملوا عدة رمضان، ولتكبروا الله عند إكماله على ما هداكم».

(2) أخرجه ابن جرير الطبري في «تفسيره» (2/157).

(3) «الأم» (1/264-265).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend