رجل يعمل بالجزارة، وملابسه دائمًا بها دمٌ، فكيف يُصلِّي؟ إن غيَّرها كلَّ صلاةٍ فلا يخفى ما يتكلَّفه من المشقَّة البالغة، بل إنه سيترك الصَّلاة أصلًا لأنه عاملٌ، فما الحكم؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإن الذي ننصح به السَّائل أن يتَّخذ لنفسه ثوبًا خاصًّا بالصَّلاة، فإن هذا أبرأ لذمَّتِه وأرضى لربِّه جلَّ وعلا، ذلك أن الدَّم المسفوح نجسٌ بلا نزاع، ويُقصد به: الدَّم المُهراق السَّائل الذي يجري ويتدفق في عروق المذبوح ويخرج من الذبائح سائلًا متدفِّقًا.
أما الدَّم المختلط باللحم في المذبح، أو ما يبقى في عروق الذَّبيحة من الدَّم فإنه ليس بنجسٍ.
قال ابن خويز منداد: «وأما الدَّم فمُحرَّمٌ، ما لم تَعُمَّ به البلوى، ومعفوٌّ عما تعمُّ به البلوى، والذي تعمُّ به البلوى هو الدَّم في اللحم وعروقه، ويسيره في البدن يُصلَّى فيه»(1).
فإذا كان الدَّم الذي أصاب ثوب الجزَّار من الدَّم السَّائل بسبب الذَّبح فذلك نجسٌ لا تصحُّ الصَّلاة فيه، أما إذا كان مما اختلط بلحم الذَّبيحة وعروقها فإنه لا ينجس ثيابه.
ومن ثم قلنا: إن الأَوْلى به أن يتَّخذ لنفسه ثوبًا خاصًّا للصَّلاة خروجًا من الشُّبهة واحتياطًا للدِّين.
ونسأل الله أن يُعينه على ذلك، وأن يتقبَّله منه، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
______________
(1) «تفسير القرطبي» (2/221).