الجمع بين الجمعة والعصر في السفر

كنت على سفرٍ في يومِ جمعةٍ، ووصلت في وقت صلاة الجمعة إلى منطقة سكنية ومكثت في استراحة فيها مسجدٌ كبيرٌ اجتمع الناس فيه لصلاة الجمعة، وكان برنامج السفر أن أتوقف في هذا المكان قليلًا حتى أستقلَّ طائرةً وأذهب إلى مكانٍ آخر لوقتٍ بعد المغرب بقليل، وأغلب الظنِّ أنه يصعب عليَّ الإتيان بصلاة العصر في وقتها قبل المغرب. فاحترت في أمري: هل أترك الجمعة وأصليها ظهرًا ركعتين حتى يتسنى لي من جمع العصر معها جمع تقديم قصرًا؟ أو أصلي الجمعة مع الناس؟ ولكن قال لي البعض: إنه ثمَّ رأيٌ بعدم جواز جمع العصر مع الجمعة.
برجاء الإفادة بأفضل الحلول في مثل هذه المسألة.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن مسألة الجمع بين الجمعة والعصر من مواضع النظر بين أهل العلم، ولكن لا يظهر لي وجه خلاف في المسألة التي تتحدث عنها؛ فقد وُجدت بين جماعةٍ تُقيم الجمعة، شَهِدْتَ جَمْعَهم وسمعت نداءهم للصلاة، فلا تملك إلا أن تُجيب؛ لأن مَن حضر الجمعة لزمته.
ثم بعد هذا أنت على جناح سفر، وفي حاجةٍ واضحة للجمع؛ لأن الطائرة لن تَحُطَّ بك الرِّحال إلا بعد المغرب كما ذكرت، والصلاة في الطائرة لا تمكنك من القيام للصلاة، وقد لا تتمكن من استقبال القبلة ونحوه، فأولى لك الجمع حيث تؤدي صلاتك بطمأنينة بكل أركانها وواجباتها، فلا يظهر لي بأس في ذلك.
قال الشيخ ابن جبرين:
ذكر الفقهاء أن المُسافر لا يجمع بين الجمعة والعصر، كما يُوجد في كتب الأحكام؛ ولعل ذلك لما يعرفونه في تلك الأزمنة من أن المُسافر ليس عليه جُمعة؛ لعدم تصوُّرها منه، وذلك لأن المُسافر غالبًا لا يمرُّ بالبلاد التي تُقام فيها الجُمعة إلا نادرًا، وأما في هذه الأزمنة فنرى أنه يجوز للمُسافر الجمع بين الجُمعة والعصر إذا كان ذلك أسهل عليه؛ فإنه قد يمر في طريقه يوم الجمعة بعدة قُرى تُقام فيها الجمعة، فإذا وقف في بعضها وصلى الجُمعة وأحبَّ مواصلة السير فله أن يُقدِّم العصر، ويعتبر الجمعة ظُهرًا مقصورة؛ فإنه قد يعوقه الوقوف مرة ثانية لصلاة العصر، أما إذا كان لا يعوقه فالاختيار له أن يُصلي العصر في وقتها قصرًا، أو إتمامًا، سيما إذا علم بأنه سوف يصل إلى مقصده قبل فوات وقت العصر.
وقال الشيخ البراك: الذي أعمله وأُفتي به أنه يجوز، وليس عندي فيه أيُّ تردُّد. فقيل له: ما ذكروه من فروق بين الجمعة والظهر؟ قال: صحيح، لكن لا أثر لها في ذلك، أليست تصح ممن لا تجب عليه؛ كالمرأة والمسافر، وتُسقط فرضه؟ وكذلك إذا فاتت الجمعة من تلزمه صلى ظهرًا؟ هي بدل عنها، تأخذ حكمها في ذلك. اهـ بمعناه. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend