إمامة الصلاة بغير وضوء

سؤالي عن إمامٍ كان يَؤُمُّ النَّاسَ بغير وضوءٍ لمدة ثلاثِ سنواتٍ في أحد المساجد، وكان يتقاضى مالًا على ذلك، ثم تاب اللهُ عليه توبةً نصوحًا من هذا الفعل الشَّنيع، وهو ما زال إمامًا في المسجد ذاتِه، فماذا يترتَّب عليه في كلتا الحالتين في الصَّلوات وفي المال الذي كان يتقاضاه؟ وهل يستمرُّ في إمامة النَّاس بعد توبته النَّصُوح في المسجد ذاته؟ أفيدونا في أقرب وقتٍ ممكنٍ. بارك اللهُ فيكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن سوءَ عمله وشؤمه على نفسه، ولا شأن للمُصلِّين بذلك، فصلاتهم صحيحة.
وينبغي التخلُّص مما كَسَبه من مالٍ في هذه الفترة مقابل هذه الإمامة التي أجرم في خلالها هذا الجرم الشَّنيع، وأتى بما لم نسمع بمثله إلا في النِّكات السَّخيفة التي يَـجلد بها مسامعنا بعضُ الـمُهرِّجين من آنٍ إلى آخر.
وعليه أن يُخلِص التَّوْبةَ، وأن يُكثر من الضَّراعة إلى الله عز وجل ، وأن يُكثر من عمل الصَّالحات؛ فإن الحسنات يُذهِبن السَّيِّئات(1)، وأَمْره إلى الله أوَّلًا وآخرًا.
ولا يعظم ذنبٌ على التَّوْبة في نهاية المطاف، فلو جاء عبدٌ بذنوبٍ بلغت قُرَاب الأرض ثم أتى بابَ ربِّه تائبًا مُنيبًا باكيًا ضارعًا وجد اللهَ توَّابًا رحيمًا(2)؛ فإن اللهَ يقبل التَّوْبة عن عباده ويعفو عن السَّيِّئات(3).
ولا ينبغي له أن يكشف سترَ الله عليه، فلتكن توبتُه بينه وبين ربِّه جلَّ وعلا، وإن اعتزل الإمامة حينًا من الدَّهر تربيةً لنفسه فقد أحسن، ولكن ذلك ليس بشرطٍ في التَّوْبة. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قال تعالى:﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾[هود: 114].
(2) فقد أخرج الترمذي في كتاب «الدعوات» باب «في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله» حديث (3540) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه  قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم  يقول: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً»، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن»، وذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (1/114) وقال: «أخرجه الترمذي وهو حديث حسن».
(3) قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25].

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend