ما المقصود بالنخس لسيدنا عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام؟ وهل هذا يعني أنه ليس لسيدنا عيسى عليه الصَّلاة والسَّلام قرينٌ طوال عمره؟ بارك الله فيكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن استثناءَ عيسى عليه السلام وأمِّه من هذا النخس كان ببركة الدعاء الذي دعته امرأةُ عمران واستجابَه اللهُ ﴿وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [آل عمران: 36]، ولكنها لا تعني أنه قد عُصم من القرين؛ ففي «صحيح مسلم» قوله ﷺ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْـجِنِّ». قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: «وَإِيَّايَ إِلَّا أَنَّ الله أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ»(1).
وهذا عمومٌ لا مُخصِّص له، فيشمل نبيَّ الله عيسى وغيره من سائر الأنبياء والمرسلين، كما أن هذا لا يعني تفضيله بذلك على سائر الأنبياء والمرسلين، فلقد جعل اللهُ لكلِّ نبيٍّ خصوصيةً، وهي لا تعني التفضيلَ العام من كلِّ وجهٍ، لقد خلق اللهُ آدمَ بيده ونفخ فيه من رُوحه وأسجد له ملائكته، ولقد وهب اللهُ لسليمان مُلكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعده، ولا يعني هذا تفضيلَهما على سائر الأنبياء والمرسلين، ولا زَعَم ذلك حتى من ساق هذه الدعوى، فما كان جوابًا له عن ذلك كان جوابًا لنا عن تلك. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_____________
(1) أخرجه مسلم في كتاب «صفة القيامة والجنة والنار» باب «تحريش الشيطان وبعثه سراياه لفتنة الناس» حديث (2814) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .