قتل الكلب الأسود

ما حكم قتل الكلب الأسود حيث إنه يستعمل للحراسة؟ وبعض الأصدقاء يرون قتله، والرسول ﷺ أمر بذلك، فقلت لهم: هذا ليس كلبًا عقورًا، وهو روح ليس له ذنب أن يقتل لمجرد أن لونه أسود؛ فالله سبحانه خلقه هكذا. فهل يجب عليَّ قتله؟ وهل هذا الحكم أيضًا يشمل الكلاب التي في الشارع؟ ومن الذي عليه أن يقتلها؟ وكيف؟ هل بالسم أم بالضرب حتى الموت؟ أفيدونا أفادكم الله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فما جاء في السنة المطهرة من الأمر بقتل الكلاب كان في صدر الإسلام ثم نسخ بعد ذلك، وبقي الحكم في الأسود البهيم منها، وعلَّل ذلك بأنه شيطان؛ ففي الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه  قال: أمرنا رسول الله ﷺ بقتل الكلابِ؛ حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبِها فنقتله. ثم نهى النبي ﷺ عن قتلها وقال: «عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ ذِي النُّقْطَتَيْنِ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ»(1).
وقال ﷺ: «لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنَ الْأُمَمِ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا كُلِّهَا، فَاقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ». ويروى في بعض الحديث: أن الكلب الأسود البهيم شيطان(2).
كما بقي الحكم كذلك في الكلب العقور والكلب الذي عرف بصياله على الناس أو على البهائم وغيرها؛ فإنه يقتل لضراوته أو لصياله، ويبقى ما وراء ذلك على أصل المنع، وقد رخَّصت الشريعة في كلب الصيد وكلب الماشية وكلب الزرع، فنهيُه ﷺ عن قتلها بعدما أَمر به؛ لما فيه من إفناء أمة من الأمم، وجيل من الخلق؛ لأنه ما من مخلوق خلقه الله إلا وفيه نوع من الحكمة وضروب من المصالح، تظهر لبعض الناس وتخفى على بعض، ويظهر في كل زمان ومكان من مصالحها ومنافعها حسبما تقتضيه حكمة الله ورحمته بعباده، فلما كان لا سبيل إلى إفنائها كلها، أمر بقتل شرارها، وهو الأسود البهيم والكلب العقور، وترك ما سواها، وقد غفر الله لبغي من بغايا بني إسرائيل لأنها رأت كلبًا يلهث من العطش فسقته فشكر الله لها ذلك وغفر لها بهذا الصنيع(3).
بقي بعد ذلك أمران:
أولهما: فيما يتعلق بوسيلة القتل: فليس الأمر ضربًا حتى الموت كما تذكر، فقد صح قوله ﷺ: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ»(4).
والثاني: أن هذا العمل لا يُسلَّط عليه الآحادُ من الناس، وإنما تنظمه مؤسسات الدولة وتشرف عليه أجهزتها؛ حتى لا يعدو الناس بعضهم على بعض ويبغي بعضهم على بعض. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «المساقاة» باب «الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه وبيان تحريمه» حديث (1572)

(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/54) حديث (20566)، وأبو داود في كتاب «الصيد» باب «في اتخاذ الكلب للصيد» حديث (2845)، والترمذي في كتاب «الأحكام والفوائد» باب «ما جاء في قتل الكلاب» حديث (1486)، والنسائي في كتاب «الصيد والذبائح» باب «صفة الكلاب التي أمر بقتلها» حديث (4280)، وابن ماجه في كتاب «الصيد» باب «النهي عن اقتناء الكلب» حديث (3205)، والدارمي في كتاب «الصيد» باب «في قتل الكلاب» حديث (2051) من حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه . وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».

(3) أخرجه البخاري في كتاب «أحاديث الأنبياء» باب «حديث الغار» حديث (3467)، ومسلم في كتاب «السلام» باب «فضل ساقي البهائم المحترمة وإطعامها» حديث (2245) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال النبي ﷺ: «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ».

(4) أخرجه مسلم في كتاب «الصيد والذبائح» باب «الأمر بإحسان الذبح والقتل» حديث (1955) من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   14 متنوعات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend