كل عام وأنتم بخير وشهر مبارك علينا وعليكم. سؤالي باختصار بارك الله فيكم:
لقد قرأت في بعض المواقع ومنها موقع إسلام ويب؛ تُفتي بناء على فتوى دار الإفتاء المصرية الكرام؛ بأن حركةَ اللسان بالطلاق دون تلفُّظ دون أن يسمع صوتًا ولو في نفسه- بأنه لا يقع الطلاق. وقرأت هذا الكلام:
ففي الموسوعة الفقهية: الإسرار في الطلاق بإسماع نفسه كالجهرِ به، فمتى طلَّق امرأتَه إسرارًا بلفظ الطلاق، صريحًا كان أو كناية مستوفية شرائطها على الوجه المذكور فإن طلاقَه يقعُ، وتترتب عليه آثاره، ومتى لم تتوافر شرائطُه فإنَّ الطلاق لا يقع، كما لو أجراه على قلبه دون أن يتلفظ به إسماعًا لنفسه أو بحركة لسانه(1).
وفتوى دار الإفتاء المصرية: فلو طلق بحيث صحَّح الحروف ولكن لم يُسمِع نفسه لا يقع طلاقُه.
فما قولكم في هذا الكلام؟
مع العلم هذا الشخص لديه وسواس ولا يعلم مدى هذه الحركة، وكثير حديث النفس بالطلاق، ويحاول أن يستخدم العلاج السلوكي في ذلك بالمخالفة وعدم الالتفات.
______________________
(1) «الموسوعة الفقهية» وزارة الأوقاف الكويتية- صدرت في سنوات متعددة، (4/176).
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن مشكلة صاحبك في تسوُّق الفتوى عبر المواقع المختلفة، وهو المبتلى بالوسواس فلا يزيده ذلك إلا وسوسة وحيرة وتخبطًا.
وعقدة الجواب عن سؤاله ليست في الترجيح بين فتوى الموسوعة وفتوى دار الإفتاء المصرية، وإنما في توجيهه إلى طرح الشَّكِّ وعدم الالتفات إليه، لأن مثله ولو تلفظ بالطلاق لفظًا صريحًا واضحًا بأعلى صوته وأسمع به أهل الحارة جميعًا- فلا يقع طلاقه؛ إلا إذا قصد إليه عن رضًا وطمأنينة باعتباره مستغلقًا عليه طوال الوقت؛ لكونه ممن يستنكحهم الشكُّ، و«لَا طَلَاقَ فِي إِغْلَاقِ»(1). فهذه هي قضيته.
وأرجو أن تكون مُنهية لصراعاته وعذاباته، ومخرجًا له من محارق الشك. والله تعالى أعلى وأعلم.
_____________________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 276) حديث (26403)، وأبو داود في كتاب «الطلاق» باب «في الطلاق على غلط» حديث (2193)، وابن ماجه في كتاب «الطلاق» باب «طلاق المكره والناسي» حديث (2046)، والحاكم في «مستدركه» (2/ 216) حديث (2802). من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال الحاكم: «صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، وحسنه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (2047).