المسبحة الذهبية

طُلب من شخص تصنيعُ مسبحة من الذَّهب، هل يجوز له ذلك؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإن التحلِّي بالذَّهب والتَّزيُّن به مباحٌ للنِّساء وحرام على الرجال؛ روى الإمام أحمد وأبو داود والنَّسائيُّ بسندٍ جيد عن عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه : أن رسولَ الله ﷺ أخذ حريرًا فجعله في يمينه، وأخذ ذهبًا فجعله في شماله، ثم قال: «إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي»(1).
زاد ابنُ ماجه: «حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ»(2).
هذا بالنِّسْبة للتَّحلِّي، وأما استعمال الذَّهب لغير الحلية البدنية، كالقلم والمحبرة والمرآة والمشط والمكحُلة، وما شابه ذلك، فإنه لا يجوز للرجال ولا النِّساء في الراجح من أقوال أهل العلم(3) لما يتضمنه من السرف وإضاعة المال، وقد ورد النصُّ في المنع من اتخاذ آنية الذهب والفضة(4)، وما سوى ذلك مما ذكرنا مقيسٌ عليهما.
قال ابن مُفلح في «الآداب الشَّرعية»: «ويَحرُم عليهما تحليةُ دواةٍ ومِـحبرة ومقلمة ومرآة ومشط ومكحلة وشربة ومرود وكرسيٍّ وآنية وسبحة ومحراب وكتبِ علمٍ بذهب أو فضة»(5).
وما ترجَّح المنع من اتِّخاذه ترجَّح المنعُ من صُنعه؛ لما يتضمَّنه صُنعُه من إعانةٍ على باطل. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

____________________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/96) حديث (750)، وأبو داود في كتاب «اللباس» باب «في الحرير للنساء» حديث (4057)، والنسائي في كتاب «الزينة» باب «تحريم الذهب على الرجال» حديث (5144)، وذكره ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (1/26) وقال: «قال علي بن المديني: هذا حديث حسن ورجاله معروفون»، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح» حديث (4394).

(2) أخرجه ابن ماجه في كتاب «اللباس» باب «لبس الحرير والذهب للنساء» حديث (3595)، وذكره ابن الملقن في «خلاصة البدر المنير» (1/26) وقال: «قال علي بن المديني: هذا حديث حسن ورجاله معروفون».

(3) جاء في «بدائع الصنائع» (5/132): «والأصل أن استعمال الذهب فيما يرجع إلى التزين مكروه في حق الرجل دون المرأة لما قلنا واستعماله فيما ترجع منفعته إلى البدن مكروه في حق الرجل والمرأة جميعا حتى يكره الأكل والشرب والأدهان والتطيب من مجامر الذهب للرجل والمرأة لقول النبي عليه الصلاة والسلام: إن الذي يشرب من آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم. ومعلوم أن الذهب أشد حرمة من الفضة ألا يرى أنه رخص عليه الصلاة والسلام التختم بالفضة للرجال ولا رخصة في الذهب أصلا فكان النص الوارد في الفضة واردا في الذهب دلالة من طريق الأولى كتحريم التأفيف مع تحريم الضرب والشتم وكذلك الاكتحال بمكحلة الذهب أو بميل من ذهب مكروه للرجل والمرأة جميعا لأن منفعته عائدة إلى البدن فأشبه الأكل والشرب».
وجاء في «مواهب الجليل» (1/129-130): «ش: قال في الجواهر: وكذا المكاحل والمرايا المحلاة وأقفال الصناديق والأسرة والمذاب والمقرمات وشبه ذلك لا يجوز اتخاذ شيء من ذلك من ذهب، أو فضة ولا تحليته بشيء منها لا للرجال ولا للنساء انتهى».
وجاء في «البجيرمي على الخطيب» (1/113-118): «وتحرم المكحلة والمرود والخلال والإبرة والملعقة والمشط ونحوها من ذهب أو فضة».

(4) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الأطعمة» باب «الأكل في إناء مفضض» حديث (5426)، ومسلم في كتاب «اللباس والزينة» باب «تحريم استعمال إناء» حديث (2067)، من حديث حذيفة رضي الله عنه : أن رسول الله ﷺ قال: «لَا تَلْبَسُوا الْـحَرِيرَ وَلَا الدِّيبَاجَ وَلَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا فَإِنَّهَا لَـهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الْآخِرَةِ».

(5) «الآداب الشرعية» (3/478).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 الطهارة, 14 متنوعات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend